بين طرفي الزيادة والنقصان والافراط والتفريط ليكون ضابطا كليا لا يختلف بالزيادة والنقصان ففي الجميع وإلا فلا معنى لتسليم ذلك في فرد والمناقشة في الآخر.
وإلى ما ذكرنا يشير كلام جده في الروض حيث قال: ولما كان ذلك يختلف باختلاف الأرض والأزمنة والسير حمل على الوسط في الثلاثة. انتهى. وهو جيد وثالثها - لا خلاف ولا إشكال في الاكتفاء بالسير كما تكاثرت به الأخبار، وكذا لا إشكال في ما لو اعتبرت المسافة بالتقدير فوافق السير.
إنما الاشكال في ما لو اختلفا فهل يتخير في العمل على أيهما كان ولزوم القصر ببلوغ المسافة بأحدهما أو أنه يقدم السير لأنه أضبط أو يقدم التقدير؟ احتمالات استظهر أولها في المدارك، والظاهر أن وجهه ورود النصوص بكل منهما.
واحتمل في الروض تقديم السير، قال: لأن دلالة النص عليه أقوى إذ ليس لاعتبارها بالأذرع على الوجه المذكور نص صريح بل ربما اختلفت فيه الأخبار وكلام الأصحاب، وقد صنف السيد السعيد جمال الدين أحمد بن طاووس كتابا مفردا في تقدير الفراسخ وحاصله لا يوافق المشهور، ولأن الأصل الذي اعتمد عليه المصنف وجماعة في تقدير الفرسخ يرجع إلى اليوم، لأنه استدل عليه في التذكرة بأن المسافة تعتبر بمسير اليوم للإبل السير العام وهو يناسب ذلك. انتهى.
ويظهر من الذكرى تقديم التقدير ولعله لأنه تحقيق والآخر تقريب.
أقول: لا ريب أن الاعتبار بكل منهما جيد بالنظر إلى دلالة النصوص المتقدمة عليها، إلا أن الاشكال في التقدير من حيث الاختلاف في تفسير الفرسخ كما عرفت من اضطراب كلامهم في الميل، والرجوع إلى الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام في موضع الاشتباه طريق السلامة. والله العالم.
ورابعها - قد صرح غير واحد من الأصحاب (رضوان الله عليهم) أن مبدأ التقدير من آخر خطة البلد في المعتدل وآخر محلته في المتسع. ولم أقف له على دليل.
وقيل مبدأ سيره بقصد السفر.