اختار هنا القول الثاني لقوله " والظاهر اعتبار دوام الاستيطان ".
وحينئذ فقد تلخص أن مذهبه في المسألة هو القول بخصوص المنزل مع اعتبار دوام الاستيطان كل سنة، وعلى هذا فأي اشكال هنا عنده وما وجه هذا الاشكال فضلا عن قوته حتى أنه يقول " والمسألة قوية الاشكال " وبالجملة فالظاهر أن كلامه هنا لا يخلو من مسامحة ناشئة عن الاستعجال. والله العالم.
تنبيه قد ذكر الأصحاب (رضوان الله عليهم) في هذا المقام جملة من الفروع والأحكام من ما يتم بها الكلام لا بد من نقلها وذكرها لما فيها من الإيضاح للمسألة ورفع غشاوة الابهام:
فمنها - أن المستفاد من كلام الأكثر هو الاكتفاء بمقام الستة الأشهر ولو دفعة في سنة واحدة فيتم متى وصل بعدها ولو فريضة واحدة، وظاهر الصدوق - وإليه مال في المدارك كما تقدم ذكره - اعتبار السنة في كل سنة، والمفهوم من كلام الفاضل الخراساني وبعض من تأخر عنه إناطة حصول الاستيطان بالعرف من غير تقييد بمدة:
قال في الذخيرة: والظاهر أن الوصول إلى بلد له فيه منزل استوطنه بحيث يصدق الاستيطان عرفا كاف في الاتمام. انتهى. ونحوه في الكفاية.
وقال بعض من تأخر عنه من مشايخنا المحققين بعد نقل صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع: وخلاصة معناه أن الاتمام بالضياع وما بحكمها إنما هو في ما يكون محلا لسكناه بحيث يعد عرفا من أوطانه ويصدق عليه عادة أنه موضع استيطانه من غير أن يعرضه الترك لذلك في ما بعد بمرتبة تخرجه عن عداد الأوطان وصدق الاستيطان أي بحيث لا يقال إنه كان وطنه سابقا فتركه، فإن هذا الاستيطان يتحقق بأن يكون له فيه محل نزول وإن لم يكن ملكا له يسكنه دائما ستة أشهر مهما ارتحل منتقلا إليه. انتهى.