سفره بأحد القواطع الشرعية. وما ذكروه من التخريجات المتقدم ذكرها لا أعرف عليها دليلا ولا إليها سبيلا. وقوله في المدارك: " لخروج المسافر بالوصول إليها عن كونه مسافرا عرفا " ليس بشئ في مقابلة النصوص الصحيحة الصريحة الدالة على وجوب التقصير على المسافر إلا أن ينقطع سفره بأحد القواطع الشرعية، وحيث لم يحصل هنا شئ منها فالواجب بمقتضى تلك النصوص استصحاب التقصير كما صرحوا به في من أقام مدة في رستاق، ومجرد نية الإقامة دواما في البلد لا دليل على تأثيرها في قطع حكم السفر، والالحاق بالملك مجرد قياس لا يوافق أصول المذهب. وبالجملة فإن التحقيق عندي في المسألة ما ذكرته. والله العالم بحقائق أحكامه ونوابه القائمون بمعالم حلاله وحرامه.
المقام الثالث - في مضي ثلاثين يوما مترددا ولا خلاف بينهم في وجوب الاتمام عليه بعد المدة المذكورة، وقد مضت الأخبار الدالة عليه في صدر المقام الأول، إلا أن في بعضها التحديد بثلاثين يوما وفي بعضها بالشهر، ويظهر الفرق في ما إذا كان مبدأ التردد أول الشهر الهلالي فإنه يكتفي به وإن ظهر نقصانه عن الثلاثين بناء على رواية الشهر، والظاهر أنه كذلك أيضا بمقتضى كلام الأصحاب ويشكل حينئذ باعتبار رواية الثلاثين إلا أن تحمل على غير الصورة المذكورة من حصول التردد في أثناء الشهر كما هو الأغلب.
ونقل عن العلامة في التذكرة أنه اعتبر الثلاثين ولم يعتبر الشهر الهلالي، قال:
لأن لفظ الشهر كالمجمل ولفظ الثلاثين كالمبين. قال في المدارك: ولا بأس به.
وقال في الذخيرة: وفي كونهما كالمجمل والمبين تأمل بل الظاهر كون الشهر حقيقة في المعنى المشترك بين المعنيين، وحينئذ فالمتجه أن يقال يحمل على الثلاثين كما يحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص. انتهى.
أقول: لا يخفى أن مرجع الكلامين إلى البناء على الثلاثين وتقييد الشهر بذلك وهو الأظهر وإن كان ما ذكرناه أو لا في الجمع بين الأخبار لا يخلو من قرب. والله العالم