تقديره في الحديث السابق بثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع مع أن القصة واحدة فقد تطرق السهو إلى أحد الحديثين، والظاهر أن السهو في الثاني لأن الأول أقرب إلى ما هو المشهور في تقديره بين الأصحاب وهو الأربعة آلاف ذراع وإلى ما قدره به أهل اللغة.. إلى آخر كلامه زيد في اكرامه.
أقول: والخبر المذكور في الفقيه (1) بهذه الصورة " قال الصادق عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزل عليه جبرئيل بالتقصير قال له النبي صلى الله عليه وآله في كم ذلك؟ فقال في بريد. قال وكم البريد؟ قال ما بين ظل عير إلى فئ وعير. فذرعته بنو أمية ثم جزأوه على اثني عشر ميلا فكان كل ميل ألفا وخمسمائة ذراع وهو أربعة فراسخ ".
ثم إنه من ما يؤيد ما ذكره في الوافي من تطرق السهو إلى حديث الفقيه ما هو محسوس من البعد ما بين ظل الجبلين، فإنه أزيد من فرسخ ونصف بكثير، على أنه لا بعد في مثل هذا السقوط فقد تقدم التنبيه على أمثال ذلك في كثير من الواضع.
وأما تقدير الإصبع بسبع شعيرات والشعيرة بسبع شعرات فهو مأخوذ من كلام بعض أهل اللغة. إلا أن الظاهر أن أمثال هذه الأمور في الشرع تقريبية لا تتوقف على هذه التدقيقات فإن الذراع معروف بين عامة الناس، نعم لا بد من البناء على مستوي الخلقة كما جروا عليه في غير موضع من الأحكام إذ هو الفرد الذي يحمل عليه الاطلاق.
وثانيها - المستفاد من الأخبار المتقدمة أن المسافة تعلم بأمرين (أحدهما) مسير يوم، و (ثانيهما) الأذرع.
والمراد باليوم على ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) يوم الصوم، ويدل عليه ما تقدم في صحيحة أبي أيوب من قوله (عليه السلام) " في بريدين أو بياض يوم " ونحوه قوله في صحيحة أبي بصير أيضا " في بياض يوم أو بريدين " والمراد بالسير فيه ما هو المتعارف الغالب من سير الإبل القطار وسير عامة