من الأدلة لاجتماع صدق الألفاظ الثلاثة عليه، وأما في غيره من أماكن البلد فلا لأن المناط حينئذ إنما هو محض احتمال كون المراد بالحرم هنا مطلق حرمه عليه السلام واحتمال حمل الحائر على ما رواه سور المشهد واحتمال التجوز في " عنده " بما يشمل البلد، وكل هذه الاحتمالات ولا سيما الأخير في غاية البعد والخروج عن الظاهر المتبادر، فالخروج عن يقين وجوب القصر بهذه الاحتمالات لا يخلو من مجازفة ظاهرة وأما تحديد الحائر الشريف فقال ابن إدريس إنه ما دار سور المشهد والمسجد عليه دون ما دار سور البلد عليه، لأن ذلك هو الحائر حقيقة لأن الحائر في لسان العرب الموضع المطمئن الذي يحار فيه الماء، وقد ذكر شيخنا الشهيد أن في هذا الموضع حارا لماء لما أمر المتوكل (لعنه الله) باطلاقه على قبر الحسين عليه السلام ليعفيه فكان لا يبلغه. انتهى.
وقال شيخنا المجلسي (قدس سره) في كتاب البحار بعد نقل كلام ابن إدريس المذكور: وأقول ذهب بعضهم إلى أن الحائر مجموع الصحن المقدس وبعضهم إلى أنه القبة السامية وبعضهم إلى أنه الروضة المقدسة وما أحاط بها من العمارات المقدسة من الرواق والمقتل والخزانة وغيرها، والأظهر عندي أنه مجموع الصحن القديم لا ما تجدد منه في الدولة الصفوية (شيد الله أركانهم) والذي ظهر لي من القرائن وسمعته من مشايخ تلك البلاد الشريفة أنه لم يتغير الصحن من جهة القبلة ولا من جهة اليمين ولا من جهة الشمال بل إنما زيد من خلاف جهة القبلة، وكل ما انخفض من الصحن وما دخل فيه من العمارات فهو الصحن القديم وما ارتفع منه فهو خارج عنه، ولعلهم إنما تركوه كذلك ليتمايز القديم من الجديد. والتعليل المنقول عن ابن إدريس (قدس سره) ينطبق على هذا وفي شموله لحجرات الصحن من الجهات الثلاثة اشكال. انتهى كلام شيخنا المذكور.
أقول: وقد أخبرني من أثق به من علماء تلك البلد وسكنة ذلك المكان منذ مدة من الزمان لما تشرفت بتقليل تلك الأعتاب وفاوضته في كلام شيخنا المذكور