في تلك المسألة صحة عده هنا حيث إنها دالة على النهي عن السفر. وبالجملة فإن المفهوم من الأخبار المتقدمة كما عرفت هو دوران التحريم مدار النية والقصد بذلك السفر، فإن قصد به أمرا محرما كالفرار من الزحف والهرب من غريمه مع إمكان الوفاء أو النشوز والإباق أو قصد غاية محرمة مترتبة عليه كالأمثلة المتقدمة ثبت التحريم ووجب الاتمام، وأما لو استلزم ترك واجب ولم يخطر بباله أو خطر بباله ولكن لم يتعلق به القصد فإنه لا يتعلق به التحريم، نعم لو كان هو المقصود من السفر وتعلقت به النية وقد ثبت تحريمه في حد ذاته أو باعتبار غايته فلا اشكال في ما ذكروه من وجوب الاتمام. وبذلك يظهر ما في كلام شيخنا المتقدم ذكره من عدم ورود ما ذكره وأنه لا حاجة في التفصي عنه إلى ما ذكره سبطه السيد السند.
ويؤيد ما قلناه ما صرحوا به في هذا المقام من أن المعصية في السفر مانعة ابتداء واستدامة، فلو قصد المعصية ابتداء أتم ولو رجع عنها في أثناء السفر اعتبرت المسافة حينئذ فإن بلغ الباقي مسافة قصر وإلا أتم.
وظاهر هم الاتفاق هنا على الحكم المذكور حيث إن ذلك ثابت في انشاء كل سفر وهذا من جملة ذلك، فإنه بعد الرجوع عن المعصية قاصد لإنشاء السفر فلا بد فيه من المسافة.
وأما لو كان سفره مباحا ثم قصد المعصية في الأثناء انقطع ترخصه ووجب عليه التمام ما دام على ذلك القصد، فلو رجع عن ذلك القصد إلى قصده الأول أو غيره من القصود المباحة رجع إلى التقصير.
وهل يعتبر هنا في رجوعه إلى التقصير كون الباقي مسافة؟ قيل نعم وبه قطع العلامة في القواعد لبطلان المسافة الأولى بقصد المعصية فافتقر في رجوعه إلى التقصير إلى قصد مسافة جديدة. وقيل لا وهو ظاهر المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى وبه قطع في الذكرى، واستدل عليه بأن المانع من التقصير إنما كان هي المعصية وقد زالت. قال في المدارك: وهو جيد وفي بعض الأخبار دلالة عليه.