الثالث - المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه لا ينقطع السفر بنية أقل من عشرة بل الواجب هو التقصير، وظاهر المنتهى دعوى الاجماع عليه حيث قال إنه قول علمائنا. ويدل عليه صريحا ما تقدم (1) في صحيحة معاوية بن وهب من قوله عليه السلام: " وإن أردت المقام دون العشرة فقصر ما بينك وبين شهر.. الحديث ".
ونقل عن ابن الجنيد أنه اكتفى بإقامة خمسة. أقول: ظاهر عبارته المنقولة في المقام انحصار ذلك في الخمسة، حيث قال في كتاب المختصر الأحمدي: لو نوى المسافر عند دخوله البلد أو بعده مقام خمسة أيام فصاعدا أتم. ولم يتعرض لذكر العشرة بوجه.
قال شيخنا الشهيد في الذكرى: اجتزأ ابن الجنيد وحده في إتمام المسافر بنية مقام خمسة أيام وهو مروي في الحسن عن الصادق عليه السلام (2) بطريق أبي أيوب وسؤال محمد بن مسلم، وحمله الشيخ على الإقامة بأحد الحرمين أو على استحباب الاتمام. وفيها نظر لأن الحرمين عنده لا يشترط فيهما خمسة ولا غيرها إن كان أقل من خمس فلا إتمام، وأما الاستحباب فالقصر عنده عزيمة فكيف يصير رخصة هنا. انتهى.
واعترضه المحقق الشيخ حسن (قدس سره) في المنتقى فقال: وغير خاف أن مرجع الاستحباب في مثله إلى التخيير مع رجحان الفرد المحكوم باستحبابه، فمناقشة الشهيد في الذكرى للشيخ في هذا الحمل - بأن القصر عنده عزيمة فكيف يصير رخصة هنا - ليس لها محصل وفيها سد لباب التخيير بين الاتمام والقصر، والأدلة قائمة على ثبوته في مواضع فلا وجه لافراد هذا الموضع منها بالمناقشة، ولولا قصور الخبر من جهة السند عن مقاومة ما دل على اعتبار إقامة العشرة لما كان عن القول بالتخيير في الخمسة معدل وإن كان خلاف المعروف بين المتأخرين. انتهى.