بين الأصحاب وما هو المختار في الباب، وقد اختلفوا أيضا في حكم الإياب فظاهر القولين المشهورين المتقدمين - من اعتبار التخيير بين خفاء الأذان وخفاء الجدران كما هو المشهور بين المتقدمين أو اعتبارهما معا كما هو المشهور بين المتأخرين - هو كون ذلك في الذهاب والاياب، إلا أن المرتضى الذي هو أحد القائلين بالقول المشهور بين المتأخرين ذهب هنا إلى ما ذهب إليه الشيخ علي بن بابويه وابن الجنيد من القول بالتقصير إلى المنزل، وقد عرفت الاختلاف في الذهاب بين مذهب المرتضى والشيخ المذكور.
وذهب المحقق في الشرائع إلى موافقة المتقدمين في الذهاب وهو الاكتفاء بأحد الأمرين وخالفهم في الإياب فذهب إلى وجوب التقصير حتى يسمع الأذان واختاره في المدارك عملا بصحيحة ابن سنان (1).
قال في المدارك بعد نقل عبارة المحقق في ذلك: ما اختاره المصنف (قدس سره) في حكم العود أظهر الأقوال في المسألة لقوله عليه السلام في رواية ابن سنان المتقدمة (2) " وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك " وإنما لم يكتف المصنف هنا بأحد الأمرين كما اعتبره في الذهاب لانتفاء الدليل هنا على اعتبار رؤية الجدران.
والأظهر عندي بالنسبة إلى الذهاب ما تقدم من التخيير عملا بالروايتين المتقدمتين وجمعا بينهما بذلك، وأما في الإياب فهو ما ذهب إليه الشيخ علي بن بابويه ومن تبعه.
لنا على الأول ما عرفت وعلى الثاني الأخبار المتكاثرة التي قدمناها في التنبيه الذي في آخر المقام الثاني من مقامات الشرط الرابع (3) فإنها صحيحة متكاثرة متعاضدة الدلالة على ما قلناه.
والأصحاب (رضوان الله عليهم) لم يذكروا ما قدمنا ذكره كملا وإنما أوردوا بعض ذلك وأجابوا عن ما نقلوه منها.