هذه التحقيقات في غير كتبنا وزبرنا. ولله سبحانه الحمد والمنة والله الهادي لمن يشاء.
المقام الثاني - اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ما لو كانت المسافة أربعة فراسخ فصاعدا إلى ما دون الثمانية على أقوال:
أحدهما - وهو المشهور سيما بين المتأخرين وبه صرح المرتضى وابن إدريس - أنه يجب التقصير إذا أراد الرجوع ليومه والمنع من التقصير إن لم يرد الرجوع ليومه وثانيها - ما ذهب إليه الصدوق (قدس سره) في الفقيه قال: إذا كان سفره أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب وإن كان سفره أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر.
ونحوه قال الشيخ المفيد، ونقله الأصحاب عن والد الصدوق أيضا وسلار، وبه صرح الشيخ في النهاية إلا أنه منع من التقصير في الصوم، فصار هذا قولا ثالثا.
وما ذهبوا إليه ظاهر في وجوب التقصير مع الرجوع ليومه كما هو المشهور والتخيير في ما لم يرد الرجوع ليومه خلافا للمشهور حيث أوجبوا التمام هنا حتما، فهذا القول يوافق المشهور من جهة ويخالفه من أخرى.
وينبغي أن يعلم أن مرادهم بقولهم في صورة التخيير " ومن لم يرد الرجوع من يومه " أنه أعم من أن لم يرد الرجوع بالكلية فالنفي متوجه إلى القيد والمقيد، أو أراد الرجوع ولكن في غير ذلك اليوم فالنفي متوجه إلى القيد خاصة. وما ربما يتوهم من التخصيص بالصورة الثانية غلط محض كما لا يخفى على المتأمل.
وثالثها - ما ذهب إليه في النهاية من ما قدمنا الإشارة إليه.
ورابعها - ما نقله شيخنا الشهيد في الذكرى عن الشيخ في التهذيب والمبسوط وابن بابويه في كتابه الكبير وقواه من التخيير في قصد الأربعة بشرط الرجوع ليومه قال في الذكرى: واعلم أن الشيخ في التهذيب ذهب إلى التخيير لو قصد أربعة فراسخ وأراد الرجوع ليومه، وكذا في المبسوط وذكره ابن بابويه في كتابه الكبير، وهو قوي لكثرة الأخبار الصحيحة بالتحديد بأربعة فراسخ فلا أقل من الجواز.