الأحكام المودعة في الأخبار إنما تبنى على الأفراد المتكررة المتكثرة فإنها هي التي ينصرف إليها الاطلاق وتتبادر إلى الفهم.
ويحتمل أيضا تخصيص الخبر المذكور بغير ما نحن فيه كما وقع تخصيصه في مواضع أخر أيضا: منها - ما سيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الصيام في من سافر بعد الظهر بدون تبييت النية على الخلاف الآتي إن شاء الله تعالى، وحينئذ فلا بد من حمله على أن ذلك من حيث اقتضاء السفر فلا ينافيه ما لو حصل أحيانا التخلف لعارض ومن جهة أخرى كما نحن فيه، إذ خروج القصر عن كونه عزيمة في هذه المواطن إنما هو من جهة خصوصية فيها اقتضت ذلك بالأدلة القاطعة. هذا مع أن ما نحن فيه دائر بين كون الصيام أفضل من الافطار وبين كونه حراما بخلاف الافطار فإنه دائر بين كونه واجبا حتميا أو تخييريا، ومقتضى القواعد العقلية والنقلية في ما إذا دار الفعل بين الاستحباب والتحريم هو ترك ذلك الفعل، وأما الافطار هنا فهو موجب للخروج عن العهدة على كل من التقديرين. والله العالم.
الرابع - قد صرح جملة من الأصحاب - منهم الشهيد في الذكرى والمحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد والفاضل الخراساني في الذخيرة وشيخنا المجلسي في البحار والمحدث الكاشاني في المفاتيح - بجواز فعل النافلة الساقطة في السفر في هذه الأماكن سواء اختار القصر أو الاتمام للتحريض والترغيب في كثرة الصلاة فيها كما تقدم في الرواية الخامسة والرواية الثانية عشرة.
ومن ما يدل على ذلك مع اختيار القصر جملة من الأخبار رواها ابن قولويه في كتاب كامل الزيارات: منها - ما رواه بسنده عن علي بن أبي حمزة (1) قال:
" سألت العبد الصالح عليه السلام عن زيارة قبر الحسين عليه السلام فقال ما أحب لك تركه. فقلت وما ترى في الصلاة عنده وأنا مقصر؟ قال صل في المسجد الحرام ما شئت قطوعا وفي مسجد الرسول صلى الله عليه وآله ما شئت تطوعا وعند قبر الحسين عليه السلام فإني أحب ذلك. قال