حاضر غير مسافر، وقصد السفر بعد ظهور كون المقصد مسافة مع نقصان الباقي عن المسافة غير مجد ولا مسوغ للقصر لعدم المسافة في الباقي، والبناء على ما مضى مع عدم نية قصد المسافة فيه مشكل كما عرفت. وما نحن فيه في الحقيقة مثل طالب الآبق والحاجة الذي سار مسافة أو أقل من غير قصد المسافة ثم ظهر له أن حاجته في مكان يقصر عن المسافة الشرعية، فإنه لا ريب ولا إشكال في أنه يتم في سفره المذكور بعد خروجه وبعد ظهور كون حاجته في محل كذا من ما يقصر عن المسافة، ولا يضم ما تقدم إلى هذه المسافة الباقية ويجب عليه التقصير حينئذ بل الواجب عليه هو الاتمام. نعم متى أراد الرجوع فإن الواجب عليه التقصير إن بلغ المسافة وهو شئ آخر. وبالجملة فإن ما ذكره هنا غير خال عندي من الاشكال.
ثم إن ظاهره في الذخيرة المناقشة في شهادة العدلين في هذا المقام مدعيا أنه لا يعلم نصا يدل على أن شهادة العدلين متبعة كلية.
وفيه أنه وإن كان ما ذكره - من عدم وجود نص دال على وجوب العمل بشهادة العدلين في كل أمر - كذلك إلا أن جملة من النصوص المعتبرة كما قدمناه في باب التطهير من النجاسات من كتاب الطهارة قد دلت على العمل بخبر العدل الواحد بل إنه مفيد للعلم وإن لم يسم ذلك شهادة، وحينئذ لا ريب في قبول خبر العدلين هنا ولا اشكال وثامنها - قال في الذكرى: لو كان لبلد طريقان أحدهما خاصة مسافة فسلك الأقرب أتم وإن سلك الأبعد لعلة غير الترخص قصر، وإن كان للترخص لا غير فالأقرب التقصير للإباحة، وقال ابن البراج يتم لأنه كاللاهي بصيده. ولو رجع قاصد الأقرب بالبعد قصر في رجوعه لا غير. ولو رجع قاصد الأبعد بالأقرب قصر في ذهابه وإيابه. انتهى.
أقول: الظاهر ضعف ما ذكره ابن البراج لأن السفر بقصد الترخص غير محرم بل هو مباح، وقياسه على اللاهي بصيده قياس مع الفارق مع أن القياس غير صحيح في مذهبنا، وحينئذ فيجب عليه التقصير.