إنما هو على سبيل الاستحباب، قال في الذكرى: يستحب تقارب الصفوف فلا يزيد ما بينها على مسقط الجسد إذا سجد، رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (1) وقدر أيضا بمربض عنز (2) ذكره في المبسوط. انتهى.
أقول: لا ريب أن تصريحهم بالاستحباب هنا مبني على حملهم الخبر في ما يدل عليه من النهي عن البعد بما لا يتخطى على الاستحباب كما تقدم ذكره واعتمادهم في تقدير البعد على ما تقدم نقله عنهم من الأقوال، وأما من يجعل البعد الموجب لبطلان القدوة هو ما دل عليه الخبر فلا إشكال عنده في صحة ما ذكرنا، وبه يظهر ما في كلام صاحب المدارك حيث إنه ممن يقول بما دل عليه الخبر المذكور ظاهرا وإن كان كلامه غير صريح في ذلك مع قوله هنا بصحة الصلاة على السطحين اللذين بينهما طريق فاصلة، فإن القول بالصحة هنا لا يجامع ما دل عليه الخبر كما أوضحناه وإنما يتم بناء على القول المشهور من تحديد البعد بما تقدم نقله عنهم. والله العالم.
المسألة السادسة - من الشرائط في صحة القدوة أن لا يتقدم المأموم في الموقف على الإمام بمعنى أن يكون أقرب إلى القبلة من الإمام، قال في المدارك: هذا قول علمائنا أجمع ووافقنا عليه أكثر العامة (3) ثم احتج عليه بأن المنقول من فعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (عليهم السلام) إما تقدم الإمام أو تساوى الموقفين فيكون الاتيان بخلافه خروجا عن المشروع، ولأن المأموم مع التقدم يحتاج إلى استعلام حال الإمام بالالتفات إلى ما وراءه وذلك مبطل. انتهى.