وحضروا الجماعة مع المسلمين ".
قال شيخنا المجلسي المتقدم ذكره (طيب الله مرقده) في الكتاب المذكور ذيل هذا الخبر: ظاهر هذا الخبر وأمثاله وجوب الجماعة في اليومية ولم ينقل عن أحد من علمائنا القول به، وخالف فيه أكثر العامة (1) فقال بعضهم فرض على الكفاية في الصلوات الخمس، وقال آخرون إنها فرض على الأعيان، وقال بعضهم إنها شرط في الصلاة تبطل بفواتها، ولذا أول أصحابنا هذه الأخبار فحملوها تارة على الجماعة الواجبة وأخرى على ما إذا تركها استخفافا. وربما يقال العقوبة الدنيوية لا تنافي الاستحباب كالقتل على ترك الأذان، ولا يخفى ضعفه إذ لا معنى للعقوبة على ما لا يلزم فعله ولا يستحق تاركه الذم واللوم كما فسر أكثرهم الواجب به.
والقول بأنه كان واجبا في صدر الاسلام فنسخ أو كان مع حضور إمام الأصل واجبا فمع أن أكثر الأخبار لا تساعدهما لم أر قائلا به أيضا. وبالجملة فالاحتياط يقتضي عدم الترك إلا لعذر وإن كان بعض الأخبار يدل على الاستحباب، وكفى بفضلها أن الشيطان لا يمنع من شئ من الطاعات منعها، وطرق لهم في ذلك شبهات من جهة العدالة ونحوها إذ لا يمكنهم انكارها ونفيها رأسا لأن فضلها من ضروريات الدين، أعاذنا الله وإخواننا المؤمنين من وساوس الشياطين. انتهى.
أقول: لا يخفى على من أحاط خبرا بالأخبار الواردة عنهم (عليهم السلام) في أمثال هذا المضمار أنهم كثيرا ما يبالغون في الحث على المندوبات بما يكاد يلحقها بالواجبات والزجر عن المكروهات بما يكاد يدخلها في حيز المحرمات تأديبا لرعيتهم لئلا يتهاونوا ويتكاسلوا عن القيام بالمستحبات ويتهاونوا بالانهماك في المكروهات، وقد تقدم التصريح باستحبابها في صحيح زرارة والفضيل أو حسنهما (2)