المسألة الثانية - قد تقدم أن الأشهر الأظهر وجوب الترتيب على القاضي عن نفسه مع العلم بالترتيب، أما لو كان القضاء عن الغير فهل يجب ذلك بمعنى أنه لا يصح أن يقضي عن الميت اثنان أو ثلاثة مثلا دفعة واحدة بل لا بد أن يكون أحدهم بعد الآخر أو أن يكون القاضي عنه متحدا؟ ظاهر الأصحاب الأول كما في قضاء الانسان عن نفسه.
وقد وقفت في هذا المقام على كلام جيد للسيد الفاضل المحقق السيد نعمة الله الجزائري (نور الله تعالى تربته) يتضمن القول بعدم الوجوب في شرحه على التهذيب، حيث قال بعد ذكر المسألة: الذي أفتى به أكثر مشايخنا المعاصرين هو وجوب الترتيب، ولهذا أمروا بتوزيع الأوقات وتقسيمها بين المستأجرين حتى لا يصلي اثنان عن الميت في وقت واحد، والذي لا يزال يختلج بخاطري من البحث عن حقيقة الأخبار هو القول الثاني، وذلك أن أخبار هذا الباب من قوله عليه السلام (1): " من فاتته فريضة " ومن هذا الخبر الذي نحن بصدد الكلام فيه هو قضاء المكلف ما في ذمته، وذلك أنه يجب عليه تفريغ الذمة من ما تعلق بها أولا فأولا شيئا بعد شئ لعدم إمكان المبادرة إلى تفريغها من تلك الواجبات كلها دفعة واحدة وإذا لم يمكن هذا وجب ذلك، بخلاف الميت فإنه إذا مات لم تبق له ذمة كذمة الحي ولهذا بطلت الأحكام المنوطة بها كأجل الدين وأكثر الإجارات وأحكام الفلس ونحوها، وحينئذ فقد بقي مشغولا بما فاته من الواجبات، والمبادرة إلى رفعها ورفع عذابها عنه مهما أمكن هو الأولى، لأنه كما ورد في الأخبار يضيق عليه من جهتها فإذا قضيت عنه أسرعت إليه ملائكة الرحمة ووسعوا عليه من جهة قضاء العبادة عنه، فإذا أمكن رفعها عنه دفعة واحدة أو ما هو قريب منها كان هو الأحسن.. إلى أن قال: على أن الأخبار التي استدلوا بها على القضاء عن الميت عامة شاملة لموضع النزاع.
وبالجملة فالقول بعدم الترتيب هنا لعله الأولى، وقد أستدل لهذا القول من بعض