جملة من الأصحاب كما نبهنا عليه في الشرط الرابع هو اختصاص ذلك بالإقامة في البلد، بمعنى أنه إذا دخل بلدا ولم ينو الإقامة بها بل قال اليوم أخرج أو غدا ونحو ذلك فإن الواجب عليه استصحاب التقصير إلى مضي ثلاثين يوما، وهذا هو الذي دلت عليه الأخبار المتقدمة ثمة. وأما اثبات هذا الحكم في مجرد السفر كما تقدم فرضه في كلام الشيخ فلا أعرف له دليلا واضحا.
فإن قيل: إن هذا منقوض عليكم بنية الإقامة عشرة أيام التي هي أحد القواطع في سفر كان أو بلد، كما تقدم تصريح الأصحاب بأنه لا فرق في قطعها السفر بين كونها في بلد أو فلاة من الأرض أو نحو ذلك، مع أن الأخبار التي استند تم إليها في تخصيص الثلاثين بالبلد هي بعينها أخبار الإقامة عشرا وقد اشتملت على الحكمين فيلزم بمقتضى ما ذكرتم أنه لا ينقطع سفره بإقامة العشرة إلا في البلد دون الطريق.
قلنا: ليس الأمر كما ظننت فإن من جملة الأخبار المتقدمة في الشرط الرابع ما هو ظاهر في قطع نية الإقامة للسفر ولو كان في الطريق مثل صحيحة علي بن جعفر وصحيحة علي بن يقطين ورواية محمد بن سهل عن أبيه (1) فإن اطلاقها شامل للبلد والطريق، بل الظاهر منها سيما صحيحة علي بن يقطين ورواية محمد بن سهل عن أبيه إنما هو الإقامة في السفر، حيث قال في صحيحة علي بن يقطين " سألته عن الرجل يخرج في السفر ثم يبدو له في الإقامة وهو في الصلاة أيتم أو يقصر؟ قال يتم " (2) ونحوها الرواية المذكورة، فإن المتبادر منها كون ذلك في الطريق حيث إنه لا اشعار فيهما بالبلد بوجه وإن صدق عنوان السفر على من كان في البلد ولم ينو الإقامة.
ثم إنه لو فرض قصد الإقامة في إحدى قرى هذا الرستاق ترتب عليه في خروجه ما تقدم في الموضع الأول من الخلاف في الخروج إلى محل الترخص وما دونه وما زاد عليه.
السادس - قال في المدارك: قد عرفت أن نية الإقامة تقطع السفر المتقدم