ابن المغيرة " كل ما غلب الله عليه فليس على صاحبه شئ " ونحوه في صحيحة علي بن مهزيار برواية الفقيه ورواية موسى بن بكر الصريحة في أن هذا أحد القواعد الكلية والأبواب التي ينفتح منها ألف باب - هو أنها أخص من أخبار القضاء، وحينئذ فيجب تقييد اطلاق أخبار القضاء بها في هذا المقام في جميع ما ذكروه من الأفراد التي تعارض فيها الاطلاقان المذكوران، فإن الجميع ظاهر كما ترى في أن سقوط القضاء عن المغمى عليه إنما هو من حيث كون الاغماء من قبله سبحانه وفعله بعبده، وحينئذ فالحاق الاغماء الحاصل من قبل المكلف به وإن كان عن جهل ليس بجيد بل حكمه حكم ما لو تعمد ذلك من وجوب القضاء.
ومن هذا التعليل الذي قد عرفت أنه من القواعد الكلية والضوابط الإلهية يفهم أيضا وجوب القضاء على الحائض والنفساء إذا كان عروض ذلك من قبلهما بشرب الدواء وإن كان ظاهر الأصحاب خلافه عملا باطلاق أخبار الحيض كما ذكره السيد المذكور.
هذا، مع أنهم صرحوا في غير مقام بأن الأحكام المودعة في الأخبار إنما تنصرف وتحمل على الأفراد الشائعة المتكررة فإنها هي التي يتبادر إليها الاطلاق دون الفروض النادرة الوقوع. وبذلك يظهر لك ما في كلام الفاضل الخراساني المتقدم في المسألة الأولى وكلام السيد في الثانية جريا علي كلام الأصحاب في الباب.
واستثنى جماعة من متأخري الأصحاب من الموجب للقضاء السكر الذي يكون الشارب غير عالم به أو أكره عليه أو اضطر إليه لحاجة. وفيه ما عرفت من أن مدار الحكم في سقوط القضاء عن المغمى عليه هو كون الاغماء من قبله سبحانه، فكل ما كان كذلك فإنه لا قضاء وما لم يكن كذلك فالواجب القضاء عملا باطلاق أخبار وجوب القضاء لعدم المخصص لها، مؤيدا ذلك بما ذكرناه من عدم انصراف اطلاق الحكم بسقوط القضاء عن المغمى عليه إلى هذه الأفراد النادرة الوقوع. والله العالم.
الثالث - قال في الذكرى - بعد أن ذكر أن مما يوجب القضاء النوم المستوعب