أقول: الظاهر أنه أشار بالخبر المذكور إلى ما رواه الشيخ عن بعض أهل العسكر (1) قال: " خرج عن أبي الحسن عليه السلام أن صاحب الصيد يقصر ما دام على الجادة فإذا عدل عن الجادة أتم فإذا رجع إليها قصر ".
وقال في الفقيه: ولو أن مسافرا ممن يجب عليه التقصير مال عن طريقه إلى صيد لوجب على التمام لطلب الصيد، فإن رجع من صيده إلى الطريق فعليه في رجوعه التقصير.
والظاهر أن كلامه هذا وقع تفسيرا للخبر المذكور، وظاهره حمل الجادة على المعنى المعروف، وكأنه حمل صاحب الصيد في الخبر على من لم يرد الصيد ابتداء وإنما خرج مسافرا ثم بدا له التصيد فعدل عن طريقه واحتمل بعض الأفاضل حمل الجادة في الخبر على الحق بمعنى الجادة الشرعية والموافقة لأمر الشارع فإنه يقصر ما دام كذلك وإن عدل عن ذلك أتم.
ووجه الاستدلال بالرواية المذكورة هو الأمر بالتقصير بعد الرجوع إلى الجادة وهو أعم من أن يكون الباقي مسافة أو أقل بحيث يحصل منه ومن ما تقدم المسافة.
ويمكن الاستدلال أيضا على القول الثاني زيادة على الرواية المذكورة بصحيحة أبي ولاد المتقدمة في الشرط الثالث (2) حيث إنه عليه السلام أمره بالتقصير بعد رجوعه عن السفر متى كان سار في يومه ذلك بريدا نظر إلى ضم البريد الماضي إلى البريد الحاصل في الرجوع وتلفيق المسافة منهما، وبه يظهر قوة القول المشهور.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه بقي من أخبار المسألة خبران لا يخلو ظاهر هما من الاشكال: أحدهما - ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان (3) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتصيد فقال إن كان يدور حوله فلا يقصر وإن كان يجاوز الوقت فليقصر " ورواه في الفقيه عن العيص بن القاسم عنه عليه السلام مثله (4).