بعض المأمومين من المسبوقين - كما يفهم هذين الخبرين أو أحدهما مع أحاديث المسبوق كما جرى عليه في المدارك ومثله صاحب الوسائل - بعيد بل غير مستقيم، لأن المسبوق الداخل في الصلاة قبل اعتلال الإمام عالم بما صلوا وأن دخوله في أي ركعة لأنه صلى بصلاتهم ومع عدم علمه فالواجب عليه الاتيان بالترتيب الواجب عليه شرعا، فلا معنى لقوله " فإن أخطأ سبح القوم به " ولا لقوله " بنى على صلاة الذي كان قبله " ولا معنى أيضا لقوله " وأخذ بيد رجل وأدخله " فإن هذا كله إنما يبتني على رجل خارج من الصلاة لم يدخله الإمام إلا بعد اعتلاله وهو صريح عبارة العلامة المتقدمة، فهو إنما يبتدئ الصلاة من حيث قطع الأول فلو فرضنا أن الأول انصرف عن ركعتين أتم هذا الداخل بالمأمومين الركعتين الأخيرتين خاصة وهكذا. قال في المنتهى أيضا: لو استخلف من لا يدري كم صلى فالوجه أنه يبني على اليقين فإن وافق الحق وإلا سبح القوم به فيرجع إليهم. ثم نقل أقوالا عديدة من العامة، ثم احتج برواية زرارة المتقدمة. وبالجملة فالحكم المذكور في غاية الغرابة ولم أقف على من أفصح عن الكلام فيه ولا تنبه لما ذكرناه. والله العالم ورابعها - الظاهر أنه لا فرق بين اعتلال الإمام وخروجه أن يقدم هو أو المأمومون من يتم بهم أو يتقدم شخص من المأمومين ممن له أهلية الإمامة من غير استخلاف أو يأتم كل طائفة بإمام أو يأتم بعض وينفرد بعض.
قال في المنتهى: لو قدم بعض الطوائف إماما وصلى الآخرون منفردين جاز لأن لهم الانفراد مع وجود الإمام فمع العدم أولى.
أقول: فيه أنه مبني على مسألة انفراد المأموم من غير عذر كما تقدمت الإشارة إليه في كلامه وسيأتي ما فيه إن شاء الله تعالى.
والأظهر الاستدلال على ذلك بما ذكرنا من صحيحة زرارة وهي الخبر الثالث عشر الظاهر في جواز صلاتهم فرادى بعد اعتدال الإمام مع الأخبار الدالة على جواز الاستنابة بل استحبابها، فإذا كان الأمران جائزين للجميع جاز ذلك