ولا خلاف في أن المرتد فطريا كان أو مليا إذا رجع إلى الاسلام فإنه يقضي زمان ردته، والمستند فيه عموم الأخبار الدالة على وجوب قضاء الفوائت (1) خرج ما خرج بالدليل وبقي الباقي.
وهذا الحكم واضح في المرتد الملي والمرأة مطلقا ملية أو فطرية فإنه لا اشكال ولا خلاف في قبول توبتهما متى تابا.
وإنما الخلاف والاشكال في الرجل المرتد إذا كان فطريا هل تقبل توبته أم لا؟
ففيه أقوال ثلاثة: (الأول) - وهو المشهور على ما صرح به شيخنا الشهيد الثاني في كتاب الميراث من المسالك - عدم قبولها مطلقا، قال في الموضع المذكور من الكتاب المشار إليه: وأما عدم قبولها مطلقا فالمشهور ذلك عملا باطلاق الأخبار (1) والحق قبولها في ما بينه وبين الله تعالى حذرا من التكليف بما لا يطاق. انتهى.
وبذلك يظهر ما في كلام بعض مشايخنا المعاصرين حيث ادعى أن المشهور هو قبولها باطنا وعدم قبولها ظاهرا (الثاني) قبولها مطلقا باطنا وظاهرا وهو منقول عن ابن الجنيد (الثالث) قبولها باطنا وعدم قبولها ظاهرا وهو اختيار شيخنا الشهيد الثاني كما سمعت من كلامه وعليه جملة من المتأخرين وهو الظاهر عندي، وبه يجمع بين أدلة المسألة ويزول عنها الاختلاف، وحينئذ فتجري عليه الأحكام التي أوجبتها الردة من القتل وبينونة الزوجة وقسمة أمواله على الورثة وتصح عباداته في ما بينه وبين الله سبحانه وتقبل منه لو اتفق ذلك قبل القتل وبعد التوبة.
حجة القول المشهور ظواهر الأخبار مثل قول أبي جعفر عليه السلام في حسنة محمد بن مسلم (2) " وقد سأل عن المرتد فقال من رغب عن الاسلام وكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله بعد اسلامه فلا توبة له وقد وجب قتله وبانت منه امرأته ويقسم ما ترك على ولده ".