غالبا والحكمة في هذا التخفيف واضحة. وعلى هذا فيجب تخصيص أخبار المكارين ونحوهم الدالة على أن فرضهم الاتمام بهذه الأخبار لما ذكر من العلة المذكورة.
وأما ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار في الموثق على المشهور والصحيح على الأظهر عندي عن أبي إبراهيم عليه السلام (1) - قال: " سألته عن المكارين الذين يكرون الدواب وقلت يختلفون كل أيام كلما جاءهم شئ اختلفوا، فقال عليهم التقصير إذا سافروا ".
وما رواه أيضا في الموثق أو الصحيح على الأظهر عن إسحاق بن عمار (2) قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الذين يكرون الدواب يختلفون كل الأيام أعليهم التقصير إذا كانوا في سفر؟ قال نعم " - فهو محمول على من أنشأ سفرا غير السفر الذي هو عادته وهو ما يختلفون كل الأيام، كالمكارى مثلا لو سافر للحج أو إلى أحد البلدان في أمر غير ما هو الذي يتكرر فيه دائما. وقد حملهما الشيخ على محمل بعيد سحيق غير جدير بالذكر ولا حقيق وكيف كان فتحقيق الكلام في المقام يقع في مواضع: الأول - المستفاد من ما قدمناه من الأخبار هو أن المدار في الاتمام على صدق أحد تلك الأمور المعدودة أو صدق كون السفر عادته.
قالوا: والمرجع في ذلك إلى العرف لأنه المحكم في مثله. وبه قطع العلامة في جملة من كتبه والشهيد في الذكرى، إلا أنه قال إن ذلك أنما يحصل غالبا بالسفرة الثالثة التي لم يتخلل قبلها إقامة تلك العشرة. واعتبر ابن إدريس في تحقق الكثرة ثلاث دفعات، ثم قال إن صاحب الصنعة من المكارين والملاحين يجب عليهم الاتمام بنفس خروجهم إلى السفر لأن صنعتهم تقوم مقام تكرر من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره. واستقرب العلامة في المختلف الاتمام في ذي الصنعة وغيره ممن جعل السفر عادته بالدفعة الثانية.