سئل عن العبد يؤم القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قرآنا؟ قال لا بأس ".
ثم إنه على تقدير هذا المعنى فهل المراد يعني أكثرهم قراءة للقرآن - وتؤيده الرواية الأولى من هاتين الروايتين - أو أكثرهم حفظا للقرآن وتؤيده رواية عمرو بن أبي سلمة العامية؟ وقيل الأجود بحسب طلاقة اللسان وحسن الصوت وجودة المنطق.
الثالث - جعل الشيخ الأفقه بعد الأقرأ وقبل غيره وهو اختيار ابن بابويه في رسالته كما تقدم، وذهب بعضهم إلى تقديم الأقرأ ثم الأقدم هجرة ثم الأسن ثم الأفقه كما هو مورد رواية أبي عبيدة، وبعضهم إلى تقديم الأقدم هجرة بعد الأقرأ ثم الأفقه، وقدم الشيخ في المبسوط بعد الأفقه الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم الأسن، وقدم السيد المرتضى الأسن بعد الأفقه ولم يذكر الهجرة.
ولا أعرف لهم في هذا الاختلاف وجها يرجع إليه ولا مستندا يعتمد عليه إلا أن يكون مجرد اعتبارات يعتبرها كل منهم في ما ذهب إليه كما هو شأنهم في كثير من الأحكام، وإلا فليس في المسألة من الأخبار المتداولة في كلامهم والمتناقلة على رؤوس أقلامهم إلا خبر أبي عبيدة، نعم خبر كتاب الفقه الذي جرى عليه علي بن الحسين بن بابويه قد اشتمل على تقديم الأقرأ أولا ثم الأفقه ثم الأقرب هجرة ثم الأسن ثم الأصبح وجها.
وكيف كان فقد عرفت كلامهم في معنى الأقرأ، وأما الهجرة فالمراد بها السبق من دار الحرب إلى دار السلام، وقال العلامة في التذكرة المراد سبق الاسلام أو من كان أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الاسلام أو يكون من أولاد من تقدمت هجرته. ونقل في الذكرى عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد أن المراد التقدم في العلم قبل الآخر. وقال في الذكرى: وربما جعلت الهجرة في زماننا سكنى الأمصار لأنها تقابل البادية مسكن الأعراب لأن أهل الأمصار أقرب إلى تحصيل شرائط الإمامة والكمال فيها. انتهى.
أقول: لا يخفى أن المراد من خبر أبي عبيدة إنما هو المعنى الأول وهو