واخباره له عن نفسه بالأول أنسب.
وأما الثاني فإنه (عليه السلام) قال له: " إجعلها نافلة ولا تكبر معهم فتدخل معهم في الصلاة.. " وظاهره الاتيان بمجرد الأذكار والمتابعة وهو المراد بالنافلة.
وأما الثالث فإنه أصرح الجميع حيث قال له السائل: " أصلي خلفه وأجعلها تطوعا " فأجابه بأنه " لو قبل التطوع لقبلت الفريضة ولكن اجعلها سبحة " يعني تسبيحا وتنزيها وأذكارا من غير نية صلاة وهو المراد بالنافلة في سابقه.
وبالجملة فإن هذه الأخبار ظاهرة في أن الصلاة معهم إنما هي عبارة عن المتابعة في القيام والقعود والأذكار من غير أن ينويها صلاة، بل ظاهر قوله في الثاني " ولا تكبر معهم " أي لا تفتتح الصلاة بالتكبير فإن الذي يأتي به إنما هو مجرد أذكار وليس بصلاة، وكذا نهيه في الخبر الثالث عن الصلاة معهم وإنما يصلي قبلهم أو بعدهم مع استفاضة الأخبار بالصلاة معهم.
ولا يحضرني الآن وجه جواب عنها إلا أن يكون هذا قسما ثالثا في الصلاة معهم مضافا إلى القسمين المتقدمين في الموضع الأول. وتأويل هذه الأخبار بما ترجع به إلى الأخبار الكثيرة المذكورة يحتاج إلى مزيد تعسف وتكلف وربما لا يجري في بعضها بالكلية. والله العالم.
الثالث - قد اختلفت الأخبار المتقدمة في القراءة خلف المخالف فجملة منها دلت على الأمر بذلك وإن سمع قراءته وعيه عمل الأصحاب (رضوان الله عليهم) وهو الأوفق بالقواعد الشرعية والضوابط المرعية، لأنه منفرد يجب عليه الاتيان بما يجب على المنفرد من قراءة وغيرها، وجملة منها دلت على المنع من القراءة خلفه إذا سمعه والاجتزاء بقراءته، والظاهر حملها على شدة التقية بحيث لا يتمكن من القراءة ولو خفيا مثل حديث النفس، وعلى ذلك حمل الشيخ الأخبار المذكورة.
ويحتمل حمل هذه الأخبار على خصوص السائلين لما يعلمونه (صلوات الله عليهم) من لحوق الضرر لهم بترك ذلك كما في أمر إسحاق بن عمار بما أمره به (عليه السلام)