الصادق (عليه السلام) له الصلاة، ونحوه صحيحة زرارة، وما ذكره (عليه السلام) في كتاب الفقه الرضوي المتقدم جميع ذلك في صدر الباب الثاني في الصلوات اليومية (1) فإن جميع ما اشتملت عليه الأخبار المشار إليها من الأوامر والنواهي لا معارض لها يوجب اخراجها عن حقيقة الأمر والنهي.
فالواجب على هذا القائل هنا بمجرد ورود لفظ مشتبه محتمل للوجوب أن يقول بالوجوب والتحريم في جميع تلك المستحبات والمكروهات باتفاق العلماء، وهذا عين السفسطة، وما ذاك إلا من حيث تقييد تلك الأخبار بعمل الأصحاب على ذلك الحكم واتفاقهم عليه.
ولا يخفى على المنصف المتدرب في الفن أن اتفاق الأصحاب على الحكم متقدميهم ومتأخريهم من ما يثمر العلم أو الظن المتاخم له بأن ذلك هو مذهب الأئمة (صلوات الله عليهم) فإن مذهب كل إمام من أئمة الهدى أو أئمة الضلال إنما يعلم بنقل شيعته وأتباعه. وأما الأخبار فليست كذلك فإن فيها ما خرج على خلاف المذهب وفيها المجمل والمتشابه ونحو ذلك من الوجوه المانعة من الجزم بكون ما اشتملت عليه مذهبا، وقد وردت عندنا جملة من الأخبار الصحاح الصراح في جملة من الأحكام لم يلتفت إليها أصحابنا ولم يعملوا بها واطرحوها كأخبار عدم وجوب الغسل على المرأة بالاحتلام (2) وأخبار السنة والسنتين في الرضاع المحرم (3) ونحو ذلك من ما يقف عليه المتتبع البصير ولا ينبئك مثل خبير.
وحينئذ فإذا جاز الخروج عن مقتضى الأوامر الظاهرة في الوجوب باتفاق الأصحاب على خلاف ذلك فكيف بلفظ محتمل كما هو محل البحث، ومن ذا الذي يروم الجزم بوجوب جهر الإمام بجميع ما يأتي به من الأذكار وتحريم الجهر على المأموم في جميع ذلك بهذا الخبر المجمل مع مخالفة كافة العلماء له قديما وحديثا وطرحه