وإنما يكون مسافرا حتى يقصد من منزله أو قريته ثمانية فراسخ، وحيث إنه لم يقصد حال خروجه من منزله ذلك فهو ليس بمسافر فليتم الصلاة في هذا السفر الذي على هذه الكيفية بلغ ثمانية فراسخ أو أزيد. إلا أنه بالنظر إلى ما دل عليه الخبر الثاني من حكمه عليه السلام بالتقصير بعد الثمانية التي هي أعم من حصول الذهاب بعدها وعدمه يرجح ما ذكره (قدس سره) فيحمل اطلاق ذلك الخبر على هذا. والله العالم.
الثالث من الشروط المتقدمة استمرار القصد المذكور يعني أن يكون قصد المسافة مستمرا إلى انتهائها وتمامها، فلو عدل قبل بلوغ ذلك أو تردد في السفر كمنتظر الرفقة ونحوه وجب عليه الاتمام وإن سار مسافة أو أزيد بهذه الكيفية إلا إذا قصد العود في ما يصير به مجموع الذهاب والاياب مسافة فإنه يقصر.
ويدل على ذلك ما تقدم قريبا من رواية إسحاق بن عمار بالتقريب المذكور ذيلها، وموردها المتردد.
ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي ولاد (1) قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام إني كنت خرجت من الكوفة في سفينة إلى قصر ابن هبيرة وهو من الكوفة على نحو من عشرين فرسخا في الماء فسرت يومي ذلك أقصر الصلاة ثم بدا لي في الليل الرجوع إلى الكوفة فلم أدر أصلي في رجوعي بتقصير أم بتمام فكيف كان ينبغي أن أصنع؟ فقال إن كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت أن تصلي بالتقصير لأنك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك.
قال: وإن كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فإن عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تريم من مكانك ذلك، لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتى رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت، وعليك إذا رجعت أن تتم الصلاة حتى تصير إلى منزلك " ومورد هذه الرواية الرجوع عن النية السابقة.