المقصد الرابع في صلاة المسافر لا خلاف نصا وفتوى في سقوط أخيرتي الرباعية في السفر الجامع للشرائط الآتية، وكذا لا خلاف في سقوط نافلتها إلا الوتيرة فإن المشهور سقوطها والأظهر العدم، وقد تقدم تحقيق الكلام في ذلك في مقدمات هذا الكتاب.
روى الصدوق (عطر الله مرقده) في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم (1) أنهما قالا: " قلنا لأبي جعفر عليه السلام ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي؟
فقال إن الله عز وجل يقول: " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " (2) فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر.
قالا قلنا إنما قال الله عز وجل " فليس عليكم جناح " ولم يقل " افعلوا " فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال عليه السلام أوليس قد قال الله عز وجل " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " (3) ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض لأن الله عز وجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه صلى الله عليه وآله؟ وكذلك التقصير شئ صنعه النبي صلى الله عليه وآله وذكره الله في كتابه.
قالا قلنا فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟ قال إن كان قد قرئت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه. والصلاة كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فإنها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول الله صلى الله عليه وآله في السفر والحضر ثلاث ركعات. وقد سافر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان أربعة وعشرون ميلا فقصر وأفطر فصارت سنة. وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وآله قوما صاموا حين أفطر " العصاة " قال فهم العصاة إلى يوم القيامة وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا ".