فاقعد بعدما تسلم هنيهة ".
وقد تقدم ثمة (1) نقل موثقة عمار الدالة على جواز قيامه من موضعه وانصرافه قبل أن يتم من خلفه.
ومن أخبار المسألة قوله عليه السلام في كتاب الفقه الرضوي (2) نقلا عن العالم (عليه السلام) قال: " لا ينبغي للإمام أن ينتقل من صلاته إذا سلم حتى يتم من خلفه الصلاة ".
أقول: ربما أشعر ظاهر هذا الخبر وظاهر موثق سماعة وكذا ظاهر صحيحة الحلبي أو حسنته بأنه يستحب له البقاء بعد التسليم على هيئة الصلاة فلا يتكلم ولا يلتفت حتى يتم من خلفه، والذي ذكره الأصحاب إنما هو أن لا يقوم من محله وما أشعرت به هذه الأخبار أخص من ذلك.
ومنها - أن الأفضل له أن يسمع من خلفه كل ما يقول من الأذكار ولا سيما التشهد ولمن خلفه أن لا يسمعوه شيئا.
ويدل عليه ما رواه الشيخ في التهذيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (3) قال: " ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول ولا ينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا من ما يقول ".
وربما سبق إلى بعض الأفهام الفاسدة والأوهام الشاردة من هذا الخبر وجوب الجهر في الأخيرتين على الإمام بتقريب أن لفظ " ينبغي " في الأخبار قد تكاثر وروده بمعنى الوجوب و " لا ينبغي " بمعنى التحريم.
وفيه أنه لا ريب أن الأمر كذلك إلا أنه قد ورد فيها أيضا بمعنى الاستحباب والكراهة كما هو ظاهر الاستعمال العرفي، ونحن قد حققنا في غير موضع من ما تقدم أن هذين اللفظين في الأخبار من الألفاظ المتشابهة وأنه لا يحمل على أحد المعنيين