الركعة الأخرى فيصلون لأنفسهم. وما ذكرناه أولا هو الأظهر في المذهب والصحيح من الأقوال. انتهى. وفيه ما عرفت من أن أكثر الأخبار وصحاحها دالة على التسليم قبل اتمام الفرقة الثانية، ولا دليل على ما ذهبوا إليه إلا ظاهر روايتي قرب الإسناد. وكيف كان فالظاهر كما عرفت هو التخيير بين أن يسلم قبلهم أو ينتظرهم. والله العالم.
الثالث - هل يجب على الفرقة الأولى نية الانفراد عند مفارقة الإمام أم لا؟
وجهان اختار أولهما الشهيد في الدروس والثاني في الذكرى.
احتج الأولون بوجوب الانفراد، ووجوب نية كل واجب، وما تقدم من عدم جواز مفارقة المأموم الإمام بدون نية الانفراد. وأورد على الأول منع وجوب نية كل واجب، وعلى الوجهين معا أنهما إنما يتمان مع اطلاق نية الاقتداء، أما إذا تعلقت النية بالركعة الأولى خاصة فلا. واحتج الآخرون بالأصل وانقضاء ما تعلق به نية الائتمام.
أقول: والتحقيق بناء على ما عرفت من معنى النية كما حققناه في غير موضع من بحث نية الوضوء ونية الصلاة أن هذا الكلام سؤالا وجوابا لا وجه له ولا أثر يتعلق به، فإن من المعلوم أن هذا المصلي مع علمه بأحكام هذه الصلاة وكيفيتها إنما تعلق قصد إئتمامه بالركعة الأولى وهو في الثانية منفرد حكمه حكم المنفرد نوى الانفراد أم لم ينوه، كما لو أدرك مع الإمام ركعة ثم قام وأتم بعد فراغ الإمام، فإن الائتمام وأحكامه من وجوب المتابعة ونحوها إنما هو بالنسبة إلى تلك الركعة وإلا فحكمه في الثانية حكم المنفرد وإن كتب له ثواب الجماعة تفضلا من الله تعالى بل لو لم يدرك ركعة. نعم يبقى الكلام في أن المأموم هنا هل يكتب له ثواب الجماعة كملا بمجرد هذه الركعة أو إنما يكتب له بالنسبة إلى هذه الركعة خاصة؟ فيه اشكال لعدم تصريح الأخبار بشئ من ذلك، وقد تقدم في أخبار المسبوق ما يدل على إدراك ثواب الجماعة بادراك الإمام في التشهد الأخير، فلا يبعد من فضل الله سبحانه