أقول: لا ريب أن ما ذكره من المناقشة في الآيتين المذكورتين لا يخلو من وجه، وأما المناقشة في الرواية فهي ضعيفة واهية لما عرفت في غير مقام من أن الألفاظ إنما تحمل على ما هو المتكرر الشائع من الأفراد دون الفروض النادرة الوقوع، والتقصير في الصلاة عرفا وشرعا إنما يتبادر إلى نقص الكمية، وحينئذ فالاعتماد في الدلالة هنا على الرواية المذكورة واطلاقها شامل للحضر والسفر جماعة وفرادى.
واستدل في الذكرى بعد هذه الرواية بما في حسن محمد بن عذافر عن الصادق عليه السلام (1) " إذا جالت الخيل تضطرب بالسيوف أجزأه تكبيرتان " قال: وهو ظاهر في الانفراد لبعد الجماعة في هذه الحال.
وأما القول بأنها لا تقصر إلا في السفر خاصة فلم أقف له على دليل إلا ما يدل عليه ظاهر كلام الذكرى من الاقتصار على موضع الوفاق وأصالة اتمام الصلاة.
ثم قال في الذكرى: وجوابه إنما يقتصر مع عدم الدليل وهو ظاهر الثبوت. انتهى.
وأما القول بأنها تقصر في الحضر بشرط الجماعة فعلله في الذكرى بأن النبي صلى الله عليه وآله إنما قصرها في الجماعة. ثم أجاب عنه بأنه إنما كان لوقوع ذلك لا لكونه شرطا إذا عرفت ذلك فاعلم أن المشهور في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) أن هذا القصر على حسب قصر المسافر من ارجاع الرباعية إلى ركعتين، وقال ابن الجنيد: فإن كانت الحالة الثالثة وهي مصافة الحرب والموافقة والتعبئة والتهيؤ للمناوشة من غير بداية صلى الإمام بالفرقة الأولى ركعة وسجد سجدتين ثم انصرفوا وسلم القوم بعضهم على بعض في مصافهم، وقد روي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى كذلك بعسفان، وروي ذلك عن