خلل الصفوف أو لضيق مكان المصلي أو لاتمام الصف، ومن الظاهر أنه ليس هنا ما يمنع من ذلك إلا من حيث الاخلال بالطمأنينة لو انتقل في وقت تجب فيه الطمأنينة، فالأولى والأظهر هو جواز الانتقال كما دلت عليه الأخبار لكن في وقت لا يلزم الاخلال بالطمأنينة التي هي أحد واجبات الصلاة وفيه جمع بين الأدلة الثانية - ما لو دخل المصلي المسجد وبينه وبين الصفوف مسافة تزيد على ما لا يتخطى الذي هو كما عرفت من ما يبطل القدوة، فإن الأخبار هنا دلت على أنه متى خاف فوت الركعة برفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى الصفوف والالتحاق بها فإنه يكبر مكانه ويركع، وتصير هذه المسافة والبعد المبطلان للقدوة في غير هذه الصورة مغتفرين في هذه الصورة بالنص لضرورة ادراك الركعة، وقد رخص له في الخبر أن يمشي في حال ركوعه ويلتحق بالصف، وفيه دليل على اغتفار وجوب الطمأنينة وأنها لا تبطل الصلاة بتركها في هذه الصورة، وهكذا لو سجد الإمام قبل التحاقه فإنه يسجد معه ولو جلس للتشهد جلس أيضا معه وإن كانت تلك المسافة المبطلة في غير هذه الصورة موجودة لأنها صارت مغتفرة بهذه النصوص.
وبذلك يظهر لك ما في كلام المنتهى وإن وافقه عليه في الذخيرة من عدم الاستقامة من أنه لو فعل ذلك من غير ضرورة وخوف فوت الركعة جاز قياسا على التقدم والتأخر في الصفوف وهي كما عرفت مسألة أخرى، وكيف يجوز ما ذكروه حال الاختيار والمفروض حصول البعد بين المأموم والصفوف بالقدر الممنوع منه في غير هذه الصورة، اللهم إلا أن يبني كلامه على عدم حصول البعد الموجب للاخلال بالقدوة الذي ناطوه بالعرف.
وبالجملة فإن كلامه هنا على ما حققناه آنفا في مسألة البعد وتحديده غير وجيه ولا تام. وقياسه مسألة تكبير الداخل للجماعة قبل الالتحاق بالصفوف على مسألة الانتقال من صف إلى آخر قياس مع الفارق كما عرفت. والله العالم.
المسألة الثالثة - المعروف من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه لا يجوز