كما ترى ظاهر الدلالة في المطلوب والمراد عار عن وصمة النقض والايراد، وهو ظاهر في رد القول المشهور أتم الظهور حيث إن الرجوع المعتبر انضمامه إلى الذهاب غير حاصل في اليوم كما ادعوه، وظاهر أيضا في رد قول من ادعى التخيير في مجرد قصد الأربعة، حيث إنه عليه السلام جعل التقصير في البريدين لا أقل من ذلك وإن القصر متحتم على هؤلاء ولازم بعد قطع الأربعة من حيث حصول مسافة الثمانية بانضمام الرجوع لو لم يسافروا فأي مجال للتخيير في المقام.
ومنها - صحيحة أبي ولاد الآتية إن شاء الله تعالى قريبا في الشرط الثالث (1) وبالجملة فالمسألة بما شرحناه وأوضحناه واضحة الظهور كالنور على الطور لا يعتريها فتور ولا قصور. ومنه يظهر أن خلاف من خالف في هذه المسألة إنما نشأ من عدم اعطاء التأمل حقه في الأخبار والتتبع لها وامعان النظر فيها بعين الاعتبار كما لا يخفى على من لاحظ أحوالهم (رضوان الله عليهم) في كثير من المواضع، ومنشأ جميع ذلك الاستعجال في التصنيف والاقتصار على ما حضر بين أيديهم من نقل من تقدم لمن تأخر في الكتب الاستدلالية. والله العالم.
الثاني - من الشروط المتقدمة قصد المسافة، ويتفرع على ذلك سقوط القصر عنه مهما لم يقصد المسافة ولو تمادى به السير إلى أن يحصل له مسافات عديدة فضلا عن مسافة واحدة، وهو من ما لا خلاف فيه بينهم (رضوان الله عليه) كما نقله غير واحد: منهم - السيد السند في المدارك.
وتدل عليه رواية صفوان المتقدمة قريبا. إلا أنه قد وقع لصاحب المدارك في هذا المقام ما أن ينسب فيه إلى سهو القلم أولى من أن ينسب إلى زلة القدم، حيث قال في الاستدلال على هذا الشرط بعد الاستدلال بوجه اعتباري: وما رواه الشيخ عن صفوان (2) قال: " سألت الرضا عليه السلام عن رجل خرج من بغداد يريد