المنزل، وإن أريد به بالنسبة إلى المنازل فهو محل اشكال، لأن الروايات دلت على أنه إذا كان له منزل يستوطنه وهي ظاهرة بل صريحة في كون الاستيطان في نفس المنزل، والحمل على تقدير مضاف أي يستوطن بلده بعيد غاية البعد، فما ذكروه (عطر الله مراقدهم) هنا لا يخلو من وصمة الاشكال.
ومنها - أنه قد صرح غير واحد منهم (رضوان الله عليهم) بأنه لو اتخذ بلدا دار إقامة على الدوام فإن حكمه حكم الملك:
قال في المدارك: والحق العلامة ومن تأخر عنه بالملك اتخاذ البلد دار إقامة على الدوام ولا بأس به لخروج المسافر بالوصول إليها عن كونه مسافرا عرفا.
قال في الذكرى: وهل يشترط هنا الاستيطان الستة الأشهر؟ الأقرب ذلك ليتحقق الاستيطان الشرعي مضافا إلى العرفي. وهو غير بعيد لأن الاستيطان على هذا الوجه إذا كان معتبرا مع وجود الملك فمع عدمه أولى. انتهى.
أقول: لا يخفى ما وقع للأصحاب (رضوان الله عليهم) قديما وحديثا من الغفلة في هذه المسألة، وذلك فإن ظاهرهم الاتفاق على انحصار قواطع السفر في ثلاثة: (أحدها) إقامة العشرة. و (ثانيها) مضى ثلاثين يوما مترددا. و (ثالثها) وصول بلد له فيها ملك أو منزل قد استوطنه على الخلاف المتقدم، وظاهرهم دخول بلدته التي تولد فيها ونشأ من زمن أبيه وأجداده في القاطع الثالث، والحق العلامة ومن تبعه بالملك كما هو القول المشهور اتخاذ البلد دار إقامة على الدوام ورجحه السيد السند كما ذكره. ثم إن من تأخر عن العلامة اختلفوا في أنه هل يشترط اعتبار الستة الأشهر المعتبر في الملك في هذا البلد؟ ظاهر الذكرى ذلك ورجحه السيد المذكور لما ذكره، وبمثل ذلك صرح جده لي الروض وغيره، وظاهر الشهيد في البيان التوقف في ذلك حيث قال: والمقيم ببلدة اتخذها وطنا على الدوام يلحق بالملك على الظاهر وفي اشتراط الإقامة ستة أشهر أو العشرة الأيام إشكال. انتهى.
وبالجملة فالمشهور هو الأول.