الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج ١١ - الصفحة ١٨٤
دلت على أنه يقوم في ذلك الصف كما يدل عليه قوله في رواية أبي الصباح المتقدمة " إنما يبدو واحد بعد واحد " وفي رواية الفقيه " إنما يبدو الصف واحدا بعد واحد " إلا أنا لم نقف على ما يدل على القيام بجنب الإمام حال تضايق الصفوف كما ذكره، وليس في الأخبار الواردة في المقام سوى هذا اللفظ أعني قوله: " يقوم بحذاء الإمام " والظاهر أنه فهم منه هذا المعنى الذي ذكره، وهو وإن أوهمه ظاهر اللفظ في بادئ النظر إلا أن الظاهر منه إنما هو ما ذكرناه، وهو الذي فهمه الأصحاب أيضا حيث إنهم صرحوا بأنه يكره للمأموم القيام وحده في صف إلا أن لا يجد موضعا في الصفوف فيجوز قيامه وحده من غير كراهة.
لكن ظاهر كلامه في المنتهى الموافقة لما ذكره الصدوق، حيث قال: لو دخل المسجد ولم يجد مدخلا في الصف وقف وحده عن يمين الإمام مؤتما لرواية سعيد الأعرج (1) وبه قال الشافعي في أحد القولين (2)... إلى آخره. وهو كما ترى ظاهر في أنه فهم من المحاذاة في الرواية المذكورة ونحوها إنما هو القيام بجنب الإمام.
وظني بعده لما عرفت من ما شرحناه، ويؤيد ذلك الأخبار الدالة على أنه متى كان المأموم أكثر من واحد فإن حكمهم التأخر والقيام بحذاء الإمام مخصوص بالمأموم المنفرد.
إلا أنه لا يخلو من شوب المناقشة بتخصيص هذه الصورة لعموم الحكم المذكور.
وبالجملة فالحكم لا يخلو من شوب الاشكال لما عرفت من الابهام في ذلك اللفظ والاجمال وإن كان الأقرب ما ذكرناه كما شرحناه. والله العالم.
ومنها - التنفل بعد قوله " قد قامت الصلاة " على المشهور ونقل عن الشيخ

(١) ص ١٨٢ (٢) في نيل الأوطار ج ٣ ص ١٩٨ باب ما جاء في صلاة الرجل فذا " وقد اختلف في من لم يجد فرجة ولا سعة في الصف ما الذي يفعل؟ فحكى عن نصه في البويطي أنه يقف منفردا ولا يجذب إلى نفسه أحدا... إلى أن قال: وقال أكثر أصحاب الشافعي وبه قالت الهادوية أنه يجذب إلى نفسه واحدا ". ونحو ذلك في المجموع للنووي ج 4 ص 297
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست