الجزم في هذه المسألة بما قدمنا ذكره - قول سادس.
وأما لو فاتت الفريضة على إحدى هاتين الصورتين فهل يقضي باعتبار حال الوجوب أو حال الأداء؟ فقد تقدم البحث فيه في المقصد الأول في القضاء من مقاصد هذا الباب.
المسألة السادسة - لو نوى الإقامة في موضع وصلى تماما ثم خرج إلى ما دون المسافة مع إرادة الرجوع إلى موضع الإقامة، وهذه المسألة من مشكلات المسائل وأمهات المقاصد لتعدد الأقوال فيها والاحتمالات وتصادم التأويلات والتخريجات مع خلو المسألة من الروايات حتى أن شيخنا الشهيد الثاني صنف فيها رسالة مستقلة ونحن نتكلم فيها ههنا بما يقتضيه الحال من التفصيل دون الاجمال.
فنقول: إعلم أن هذه المسألة وما وقع فيها من الأبحاث والشقوق والاحتمالات لم تقع في كلام أحد من المتقدمين وإنما وقع البحث فيها بالنحو الذي ذكرناه من المتأخرين، نعم ذكرها الشيخ في المبسوط في فرض مخصوص على سبيل التفريع على مسألة من أقام في بلد وصلى فيه تماما فإنه يجب عليه التمام فيه حتى يقصد المسافة، وهذه مسألة متفق عليها نصا وفتوى، ومن عادته كما أشار إليه في خطبة الكتاب المذكور التفريع على النصوص لتكثير الفروع الشرعية لتنبيه المخالفين على أن ابطال القياس لا يوجب قلة فروعنا كما زعموه وشنعوا بذلك على الشيعة وهو (قدس سره) قد فرضها في الخروج من مكة إلى عرفة فقال: إذا خرج حاجا إلى مكة وبينه وبينها مسافة تقصر فيها الصلاة ونوى أن يقيم بها عشرا قصر في الطريق فإذا وصل إليها أتم، وإن خرج إلى عرفة يريد قضاء نسكه لا يريد المقام عشرة أيام إذا رجع إلى مكة كان عليه القصر لأنه قد نقض مقامه بسفر بينه وبين بلده يقصر في مثله، وإن كان يريد إذا قضى نسكه مقام عشرة أيام بمكة أتم بمنى وعرفة ومكة حتى يخرج من مكة مسافرا فيقصر. هذه عبارته وهي أول ما ذكر في هذه المسألة ثم تبعه المتأخرون في ذلك وعمموا العبارة وأكثروا فيها الشقوق