ما تضمن سقوط القراءة باطلاقه لا ينافي هذين الخبرين المفصلين لوجوب حمل الاطلاق عليهما وإن كان ما ذكره من الحمل لا يخلو من قرب، لأن النهي في الرواية الأولى عن القراءة في الأخيرتين للكراهة قطعا، وكذا الأمر بالتجافي وعدم التمكن من القعود في الرواية الثانية محمول على الاستحباب، ومع اشتمال الرواية على استعمال الأمر في الندب والنهي في الكراهة يضعف الاستدلال بما وقع فيها من الأوامر على الوجوب أو النواهي على التحريم. مع أن مقتضى الرواية الأولى كون الأمر بالقراءة في النفس وهو لا يدل صريحا على وجوب التلفظ بها. وكيف كان فالروايتان قاصرتان عن اثبات الوجوب. انتهى.
وتبعه في هذه المقالة جمع ممن تأخر عنه كما هي عادتهم غالبا ومنهم الفاضل الخراساني متمسكا زيادة على ذلك بما صرح به في غير موضع من ما قدمنا نقله عنه من أن الأوامر والنواهي في أخبارنا لا تدل على الوجوب والتحريم. وفيه ما سيظهر لك إن شاء الله تعالى.
والتحقيق عندي في المقام بما لم يسبق إليه سابق من علمائنا الأعلام (أعلى الله تعالى مقامهم في دار المقام) هو أن يقال لا يخفى أن عبائر جملة من المتقدمين وجل المتأخرين في هذه المسألة مجملة وإن كان الظاهر منها بعد التأمل هو الوجوب، حيث إن بعضهم صرح بأنه يقرأ وبعضهم عبر بلفظ الرواية وهو أنه يجعل ما أدرك مع الإمام أول صلاته، ثم ربما أردف ذلك بعضهم بذكر الصحيحتين المذكورتين.
ولم أقف على من صرح بوجوب القراءة من المتقدمين إلا على كلام المرتضى (قدس سره) حيث نقل عنه في المختلف أنه قال: لو فاتته ركعتان من الظهر أو العصر أو العشاء وجب أن يقرأ في الأخيرتين بالفاتحة في نفسه فإذا سلم الإمام قام فصلى الركعتين الأخيرتين مسبحا فيهما. انتهى.
وهو أيضا صريح كلام الشيخ أبي الصلاح في كتابه الكافي حيث قال: وإذا سبق بركعة فأولته ثانية الإمام فإذا نهض الإمام إلى الثالثة وهي له ثانية فليقرأ لنفسه