للمأموم مفارقة الإمام لغير عذر إلا أن ينوي الانفراد.
واستدل على الأول وهو عدم جواز المفارقة لغير عذر بالتأسي وقوله صلى الله عليه وآله (1): " إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به ".
وفيه ما عرفت مرارا من أن التأسي لا يكون دليلا في وجوب أو تحريم إلا مع معلومية وجهه وإلا فهو أعم من ذلك والأمر هنا كذلك. وأما الحديث المذكور فقد تقدم الكلام في أنه غير ثابت من طرقنا بل الظاهر أنه من روايات القوم كما صرح به بعض أصحابنا، مع ما في دلالته من المناقشة.
والأولى الاستدلال على ذلك بما ذكره بعض محققي متأخري المتأخرين من أن الصلاة عبادة مترتبة على التوقيف عن صاحب الشرع وليس هنا ما يدل على شرعيتها على هذا الوجه.
وأما المفارقة مع العذر فلا ريب في جوازها كما في المسبوق الذي يجلس للتشهد حال قيام الإمام ويتشهد ثم يلتحق به، وكذا من تخلف عنه بركن أو أكثر لعذر من سهو أو ضيق مكان كما تقدم، فإنه يأتي بما سبقه به ويلتحق به ولا يضر تأخره عنه لمكان العذر.
وأما جواز الانفراد بنيته قبل فراغ الإمام فهو المشهور في كلامهم بل نقل العلامة في النهاية الاجماع عليه. وقال الشيخ في المبسوط: من فارق الإمام لغير عذر بطلت صلاته وإن فارقه لعذر وتمم صحت صلاته. وهو ظاهر في عدم جواز نية الانفراد.
واحتج الأولون بوجوه: منها - أن النبي صلى الله عليه وآله صلى بطائفة يوم ذات الرقاع ركعة ثم خرجت من صلاته وأتمت منفردة (2) ومنها - أن الجماعة ليست واجبة ابتداء فكذا استدامة. ومنها - أن الغرض من الائتمام تحصيل الفضيلة فيكون