الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج ٨ - الصفحة ٢٠٦
أوجب السورة كاملة تحمل عليه هذه الرواية. وهذان الخبران كانا أولى بالاستدلال لصاحبي المعتبر والمدارك لو اطلعا عليهما.
وبالجملة فالظاهر من الأخبار هو الاتحاد كما عليه متقدمو الأصحاب ويؤيده ارتباط المعنى بين السورتين. بقي الكلام في توسط البسملة بينهما في المصاحف وهذا من أعظم الشبهة في ذهاب المتأخرين إلى خلاف ما عليه المتقدمون.
وفيه (أولا) أنك قد عرفت من عبارة كتاب الفقه عدم الفصل بينهما بالبسملة متى أراد قراءتهما معا، وما نقله في مجمع البيان عن أبي بن كعب من عدم اثباته البسملة في مصحفه.
و (ثانيا) أن الاستدلال باثباتها في المصاحف إنما يتم لو كان هذا القرآن الموجود بأيدينا جمع الإمام (عليه السلام) وليس كذلك لاتفاق الأخبار وكلمة الأصحاب وغيرهم على أنه جمع الخلفاء الثلاثة (1) وأما القرآن الذي جمعه (عليه السلام) فلم يخرج ولم يظهر

(١) أورد المجلسي في الباب ٧ ج ١٩ من البحار الأخبار الواردة في هذا الموضوع وقد وردت روايات من طريق العامة تتضمن أن جمع القرآن كان بعد النبي " ص " وأن المتصدي لذلك هو زيد بن ثابت بأمر أبي بكر، أو هو أبو بكر نفسه وإنما طلب من زيد أن ينظر في ما جمعه من الكتب، أو هو زيد وعمر على اختلاف بين الروايات في ذلك، وقد أوردها في كنز العمال ج ٢ ص ٣٦١ من الطبعة الثانية، وهناك روايات تدل على جمعه في زمن النبي " ص " كما في منتخب كنز العمال ج ٢ ص ٤٨ و ٥٢ وصحيح البخاري ج ٦ ص ١٠٢ والاتقان ج ١ ص ١٢٤، وقد أورد آية الله الأستاذ الخوئي أدام الله ظله الطائفتين من الروايات في البيان في بحث صيانة القرآن من التحريف من ص ١٣٦ إلى ١٨١ في الشبهة الثانية من شبه القائلين بالتحريف ص ١٥٦ التي ملخصها أن كيفية جمع القرآن مستلزمة في العادة لوقوع التحريف، وقد حقق البحث تحقيقا وافيا وأثبت عدم صلوح هذه الروايات - من جهة كونها أخبار آحاد ومن جهة تناقضها في نفسها ومن جهة معارضاتها العديدة - لاثبات ذلك وأن القرآن بمقتضى الأدلة التي ذكرها كان مجموعا في زمن النبي " ص " فلا مجال لدعوى التحريف من هذه الجهة.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست