إبليس منزلة أعظمهم فتنة فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وصية) ادع الله أن يجعلك من صالحي المؤمنين تكن ولي رسول الله ص وناصره فإن الله قرن صالح المؤمنين مع نفسه وجبريل والملائكة في نصرة رسول الله ص وقال رسول الله ص إنما وليي الله وصالح المؤمنين وإن كنت واليا فلتساو في إقامة الحدود الشرعية على من تعينت عليه من شريف ووضيع ومن تحبه وتكرهه فإن رسول الله ص ثبت عنه أنه قال إنما هلك من كان قبلكم إنهم كانوا يقيمون الحدود على الوضيع ويتركون الشريف وإياك يا أخي أن تحجر عناية الله عن إماء الله لما سمعت أن للرجال عليهن درجة فتلك درجة الانفعال فإن حواء خلقت من آدم فلما انفعلت عنه كان له عليها درجة السبق فكل أنثى من سبق ماء المرأة ماء الرجل وعلوه على ماء الرجل هذا هو الثابت عن رسول الله ص فاعلم ذلك فللرجال عليهن درجة فإن الحكم لكل أنثى بماء أمها وهنا سر عجيب دقيق روحاني من أجله كان النساء شقائق الرجال فحلقت المرأة من شق الرجل فهو أصلها فله عليها درجة السببية ولا تقل هذا مخصوص بحواء فكل أنثى كما أخبرتك من مائها أي من سبق مائها وعلوه على ماء الرجل وكل ذكر من سبق ماء الرجل وعلوه على ماء الأنثى وكل خنثى فمن مساواة الماءين وامتزاجهما من غير مسابقة واحذر من فتنة الدنيا وزينتها وفرق بين زينة الله وزينة الشيطان وزينة الحياة الدنيا إذا جاءت الزينة مهملة غير منسوبة فإنك لا تدري من زينها لك فانظر ذلك في موضع آخر واتخذه دليلا على ما أنبهم عليك مثل قوله زينا لهم أعمالهم ومثل قوله أفمن زين له سوء عمله ولم يذكر من زينه فتستدل على من زينه من نفس العمل فزينة الله غير محرمة وزينة الشيطان محرمة وزينة الدنيا ذات وجهين وجه إلى الإباحة والندب ووجه إلى التحريم والحياة الدنيا وطن الابتلاء فجعلها الله حلوة خضرة واستخلف فيها عباده فناظر كيف يعملون فيها بهذا جاء الخبر النبوي فاتق فتنتها وميز زينتها وقل رب زدني علما وإذا فجأك أمر تكرهه فاصبر له عند ما يفجئوك فذلك هو الصبر المحمود ولا تتسخط له ابتدا ثم تنظر بعد ذلك أن الأمر بيد الله وأن ذلك من الله فتصبر عند ذلك فليس ذلك بالصبر المحمود عند الله الذي حرض عليه رسول الله ص ولقد مر رسول الله ص بامرأة وهي تصرخ على ولد لها مات فأمرها إن تحتسبه عند الله وتصبر ولم تعرف أنه رسول الله ص فقالت له إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي فقيل لها هذا رسول الله ص فجاءت تعتذر إليه مما جرى منها فقال لها رسول الله ص إنما الصبر عند الصدمة الأولى ينبه ص العبد أنه لا يزال حاضرا مع الله أبدا فهو أولى به وعليك برحمة الضعيف المستضعف فإنه قد ثبت أن الله ينصر عباده ويرزقهم بضعفائهم وإذا اقترضت من أحد قرضا فأحسن الأداء وأرجح إذا وزنت له واشكره على قرضه إياك وانظر الفضل له ولكل من أحسن إليك أو أهدى لك هدية أو تصدق عليك ولو بالسلام فإن له الفضل عليك بالتقدم وما عرف مقدار السلام الذي هو التحية إلا الصدر الأول فإني رويت أنهم كانوا إذا حالت بين الرجلين شجرة وهما يمشيان في الطريق فإذا تركاها والتقيا سلم كل واحد منهما على صاحبه لمعرفته بسرعة تقلب النفوس وما يبادر إليها من الخواطر القبيحة من إلقاء إبليس فيكون السلام بشارة لصاحبه إنه سلم من ذلك وإنه معه على ما افترقا عليه من حسن المودة فانظر إلى معرفتهم بالنفوس رضي الله عنهم ومن قال لك إنه يحبك فلو أحببته ما عسى إن تحبه لن تبلغ درجة تقدمه في حبه إياك فإن حبك نتيجة عن ذلك الحب المتقدم وما قلت لك ذلك إلا أني رأيت وسمعت من فقراء زماننا من جهالهم لا من علمائهم يرون الفضل لهم على الأغنياء حيث كانوا فقراء لما يأخذونه منهم إذ لولا الفقراء ما صح لهم هذا الفضل وهذا غلط عظيم فإن الثناء على المعطي ما هو من حيث ما وجد من يأخذ منه وإنما هو لقيام صفة الكرم به ووقايته شح نفسه سواء وجد من يأخذ منه أو لم يجد ألا ترى إلى النص الوارد في المتمني مع العدم إذا تمنى ويقول لو أن لي مالا فعلت فيه من الخير مثل ما فعل هذا المعطي فأجرهما سواء وزاد عليه بارتفاع الحساب عنه والسؤال ولهذا قلنا بأن ترى الفضل عليك لمن أعطى بما أعطى فهو أولى بك وأن اليد العلياء هي خير من اليد السفلي واليد العلياء هي المنفقة واليد السفلي هي السائلة هذا السؤال ولكن إذا لم تر الله في سؤالها لأن الحق قد سأل عباده في أمره إياهم
(٤٩٤)