ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ولم نعرف من أقفلها فرمنا الخروج فخفنا من فك الختم والطبع فبقينا ننتظر الذي أقفل عليها عسى يكون هو الذي يتولى فتحها فلم يكن بأيدينا في ذلك شئ وكان منهم عمر بن الخطاب أعني من أهل الأقفال يقول الله تعالى أم على قلوب أقفالها فلما تولى الله فتحه أسلم فشد الله به الإسلام وعضده رضي الله عنه وأرضاه فهذا قد ذكرنا سبب عدم الفهم عن الله تعالى موجزا على قدر الوقت والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع عشر وأربعمائة في معرفة منازلة الصكوك وهي المناشير والتوقيعات الإلهية) إن التواقيع برهان يدل على * ثبوت ملك الذي في الحكم يعطيها بها قد استخلف الرحمن والدنا * فهي الدليل على إثبات معطيها والحكم يكشفها في كل نازلة * وعندنا حالة فيها تغطيها إن النفوس لتدري ما نطقت به * وليس يمنعها إلا تعاطيها اعلم أن الله تعالى لما شاء أن يجعل في أرضه خلفاء على من يعمرها من الإنس والجان وجميع الحيوانات وقدمهم ورشحهم للإمامة دون غيرهم من جنسهم جعل بينه وبينهم سفيرا وهو الروح الأمين وسخر لهم ما في السماوات من ملك وكوكب سابح في فلك وما في الأرض وما بينهما من الخلق جميعا منه وأباح لهم جميع ما في الأرض أن يتصرفوا فيه وأيد هؤلاء الخلفاء بالآيات البينات ليعلم المرسلون إليهم أن هؤلاء خلفاء الله عليهم ومكنهم من الحكم في رعيتهم بالأسماء الإلهية على وجه يسمى التعلق وشرع لهم في نفوسهم شرائع وحد لهم حدودا ورسم لهم مراسم يقفون عندها يختصون بها لا يجوز لأحد من رعاياهم أن يتخذوها لأنفسهم شرائع ولا يقتدون بهم فيها ثم نصب لهم شرائع يعملون بها هم ورعيتهم وكتب لهم كتبا بذلك نزلت بها السفراء عليهم ليسمعوها رعيتهم فيعلموا حدود ما أنزل الله الذي استخلف عليهم فيقفوا عندها ويعملوا بها سرا وجهرا فمنها ما كتبه بيده تعالى وهو التوراة ومنها ما نزل به الروح الأمين عليهم من الكتاب المكنون الذي نزل من الله من عرشه المنقول من الدفتر الأعظم وهو الإمام المبين فهو معه على عرشه ونقل منه في اللوح المحفوظ قدر ما يقع به التصريف في الدنيا إلى يوم القيامة يتضمن ما في العالم من حركة وسكون واجتماع وافتراق ورزق وأجل وعمل ثم أنزل ذلك كله في كتاب مكنون إلى السماء الدنيا وجعله بأيدي سفرة كرام بررة مطهرين أرواح قدس صحفا مكرمة مرفوعة مطهرة فيها توقيعات إلهية بما وعد الله المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاءت به رسله من اليوم الآخر والبعث الآخر وما يكون في ذلك اليوم من حكم الله في خلقه وتولى الله ذلك كله بنفسه على صورة الحق الذي بعث به رسله ليصدقهم عند عبيده فعلا بحكمه ذلك فيهم كما صدقهم في حال احتجابه بما أيدهم به من الآيات فآمن من آمن وكفر من كفر فتوقف الأمر على ظهوره لعباده فيتولى الفصل بينهم بحكمه بنفسه وهو العزيز العليم فإذا فصل وحكم وعدل وأفضل جعلهم في الفصل فريقين فريق في الجنة وفريق في السعير وهو سجن الرحمن إنا جعلنا جهنم للكافرين حصيرا بريد سجنا يحصرهم فيه وينزل الفريق السعيد في دار كرامته وقيم ذلك الدار رضوان فإنها دار الرضوان ومتولي الدار الأخرى التي هي السجن مالك ومعناه الشديد يقال ملكت العجين إذا شددت عجنه قال قيس ابن الخطيم يصف طعنة ملكت بها كفي فأنهرت فتقها * يرى قائم من دونها ما وراءها يقول شددت بها كفي فنزلت التوقيعات بما للمؤمنين من الخير عند الله العاملين الحافظين حدود الله من المسلمين والمسلمات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات والتائبين والتائبات والعابدين والعابدات والحامدين والحامدات والسائحين والسائحات والراكعين والراكعات والساجدين والساجدات والآمرين بالمعروف والآمرات والناهين عن المنكر والناهيات والمعرضين عن اللغو والمعرضات والذين هم على صلاتهم دائمون وما هم عنها بساهين إلى مثل هذا مما أوقع الله في توقيعاته من الصفات المرضية التي
(٢٦)