يقول يلتذ بالموت تلذذ آكل العسل وهذه الإشارة فيها غنية لمن نظر واستبصر والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الحي حضرة الحياة) إن الحياة حياة القلب لا الجسد * كذاق أنزله الرحمن في خلدي والناس ليس لهم سوى جسومهم * فإنها عندهم عليه السند فيهلكون ولا عقل يصدهم * عنها ولو أنهم في الواضح الحدد وليس فيهم رشيد في تصرفه * وما هم من يبيع الغي بالرشد إن الغواية أصل عندهم ولذا * تراهم عن وجود الحق في حيد يدعى صاحبها عبد الحي وهو نعت إلهي يقول الله تعالى الله لا إله إلا هو الحي القيوم وقال عز وجل وعنت الوجوه للحي القيوم ولما كانت القيومية من لوازم الحي استصحبها في الذكر مع الحي فكل معلوم حي فإن المعلوم هو الذي أعطى العلم به للعالم به ولو كان العدم فإنه لا يعطي إلا من الحياة صفته ولكن أكثر الناس لا يعلمون لأنهم لا يبصرون فالحياة للحي كنور الشمس للشمس فكل من يشهده تنوره * تنويرها إياه ما تصوره فيه وحكم الأمر ما تقرره * تعطي الذي تعطي وما تكرره وإنها من لطفها ما تشعره * بأنها هي التي تبصره كذلك الحي بذاته يحيي به كل من يراه وما يغيب عنه شئ فكل شئ به حي (القيوم حضرة القيومية) إلى القيوم لا أبغي سواه * قطعت مفاوزا فيه وآلا عسى أحظى بجود ما أراه * يزول بنا فينتقل انتقالا إذا ما أمت الأفكار ذاتي * يورثها تفكرها خيالا ويعقبها إذا تمشي إليه * بلا فكر وصالا واتصالا يدعى صاحبها عبد القيوم ولما كانت القيومية من نعوت الحي استصحبته فما تذكر إلا وهي معه فهي القيوم على كل نفس بما كسبت فكل معلوم حي فكل معلوم قيوم أي له قيومية وكذلك هو فإنه لولا أنه قيوم ما أعطى العالم علمه وبعلمه أعطى العالم خلقه لأنه لا يعطيه إلا علمه فيه وعلمه فيه إنما كان منه فلا بد أن يظهر في وجوده بخلقه من غير زيادة ولا نقصان ولا يكون إلا كذا ولذا قال موسى ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه فأخبر بإحاطة علمه ولم يكن ذلك لفرعون مع دعواه الربوبية فعلم فرعون ما قالاه وسكت وتبين له أنه الحق لكن حب الرياسة منعه من الاعتراف الذي قام بنا في كوننا * يا خليلي إنما قام بنا فإذا حققت ما فهت به * فاحكم إن شئت علينا أو لنا ما ثنى الجود علينا جوده * بسوانا فقل الجود أنا ما نعمنا بسوانا فانظروا * في كلامي تجدوه بينا فسرت القيومية بذاتها في كل شئ ولهذا قال لنا وقوموا لله قانتين فلولا سريان القيومية فينا ما أمرنا وكذلك فعلنا قمنا له وبه فمنا شاهدت ذلك عيانا كما شهدته إيمانا وإنما تعجبت ممن يقول بأن القيومية لا يتخلق بها وإنها من خصائص الحق والقيومية بالكون أحق لأنها سارية فيه وبها ظهرت الأسماء الإلهية فبها أقام الكون الحق أن يقيمه ولولا ذلك ما ظهر للخلق عين ولا حكم الألف قيوم الحروف وليس بحرف فهو مظهرها وهو لا يشبهها فامتداده لذاته لا يتناهى وامتداد حكمه بإيجاد الحرف غير متناه لأن في طريقه منازل الحروف بالقوة والاستعداد فإذا انتهى إلى منزل ما من منازلها وقف عنده ليرى أي حرف هو فبرز الحرف فسمى ذلك المكان مخرج ذلك الحرف فيعلمه وهو
(٢٩١)