سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين فليس كمثله شئ وهو السميع البصير وذلك هو الفضل المبين أقول له أنت يقول لي أنت أقول له فإنا يقول لي لا بل أنا فأقول له فكيف الأمر فيقول كما رأيت فأقول فما رأيت إلا الحيرة فلا تحصيل مني ولا توصيل منك فيقول قد أوصلتك فأقول فما بيدي شئ فيقول هو ذاك الذي أوصلت فعليه فاعتمد وبالله فاتئد فما في الكون من يدري سواه * ومن يدرك سواه فما دراه ومن يدرك مع الخلاق خلقا * فإن الله من جهل حماه ومن يدرك مع المخلوق حقا * يراه وما يراه فما تراه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع والثمانون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) لكل شئ من الأشياء ميزان * فكل شئ له نقص ورجحان فالصالحون لهم وزن يخصهم * والطالحون لهم في الحق ميزان فمن يقوم بوزن في تقلبه * يسعد وإن جاءه في ذاك برهان لأن ميزانه وفي حقيقته * ولو يساعده في ذاك شيطان لذاك قال لمن وفي طريقته * من خلقه ما له عليه سلطان قال الله تعالى الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات وإليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح فالعمل الصالح له الحياة الطيبة وهي تعجيل البشرى في الحياة الدنيا كما قال تعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا فيحيي في باقي عمره حياة طيبة لما حصل له من العلم بما سبق له من سعادته في علم الله مما يؤول إليه في أبده فتهون عليه هذه البشرى ما يلقاه من المشقات والعوارض المؤلمة فإن وعد الله حق وكلامه صدق وقد خوطب بالقول الذي لا يبدل لديه وكذلك أيضا للعمل الصالح التبديل فيبدل الله سيئاته حسنات حتى يود لو أنه أتى جميع الكبائر الواقعة في العالم من العالم كله على شهود منه عين التبديل في ذلك ولقد لقيت من هو بهذه الحال بمكة من أهل توزر من أرض الحرير ولقيت أيضا بإشبيلية أبا العباس العريبي شيخنا من أهل العلياء بغرب الأندلس ما لقيت في عمري إلا هذين من أهل هذا الذوق وكذلك للعمل الصالح شكر الحق لأنه الغفور الشكور فسعيه مقبول وكلامه مسموع ولو لم يكن في العمل الصالح إلا إلحاق عامله بالصالحين وإطلاق هذا الاسم عليه لكان كافيا فإنه مطلب الأنبياء ع وهم أرفع الطوائف من عباد الله والصلاح أرفع صفة لهم فإن الله أخبرنا عنهم أنهم مع كونهم رسلا وأنبياء سألوا الله أن يدخلهم الله برحمته في عباده الصالحين وذكر في أولي العزم من رسله أنهم من الصالحين في معرض الثناء عليهم فالصلاح يكون أخص وصف للرسل والأنبياء ع وهم بلا خلاف أرفع الناس منزلة وإن فضل بعضهم بعضا ومن نال الصلاح من عباد الله فقد نال ما دونه فله منازل الرسل والأنبياء ع وليس برسول ولا نبي لكن يغبطه الرسول والنبي لما يناله الرسول والنبي من مشقة الرسالة والنبوة لأنها تكليف وبها حصلت لهم المنزلة الزلفى ونالها صاحب العمل الصالح المغبوط من غير ذوق هذه المشقات ومن هنا تعرف ما مسمى الرسول والنبي وتعرف معنى قول الرسول ص في قوم تنصب لهم منابر يوم القيامة في الموقف يخاف الناس ولا يخافون ويحزن الناس ولا يحزنون لا يحزنهم الفزع الأكبر ليسوا بأنبياء يغبطهم النبيون حيث رأوا تحصيلهم هذه المنازل مع هذه الحال فهم غير مسؤولين من بين الخلائق لم يدخلهم في عملهم خلل من زمان توبتهم فإن دخلهم خلل فليسوا بصالحين فمن شرط الصلاح استصحاب العصمة في الحال والقول والعمل ولا يكون هذا إلا لأهل الشهود الدائم والعارفين بالمواطن والمقامات والآداب والحكم فيحكمون نفوسهم فيمشون بها مشى ربهم
(١٢٣)