وغير ذلك من المطاعم والماء من حيث هويته على صفة واحدة من الطيب والطعم فانظر إلى ما أثرت فيه البقعة كذلك هي الأرواح المنفوخة في الأجسام من أصل مقدس نقي فإن كان المحل طيب المزاج زاد الروح طيبا وإن كان غير طيب خبثه وصيره بحكم مزاجه فرسل الله الذين هم خلفاؤه أطهر الناس محلا فهم المعصومون فما زادوا الطيب إلا طيبا وما عداهم من الخلفاء منهم من يلحق بهم وهم الورثة في الحال والفعل والقول ومنهم من يختل بعض اختلال وهم العصاة ومنهم من يكثر منه ذلك الاختلال وهم المنافقون ومنهم المنازع والمحارب وهم الكفار والمشركون فيبعث الله إليهم الرسل ليعذروا من نفوسهم إذا عاقبهم بخروجهم عليه واستنادهم إلى غيره الذي أقاموه إلها فيهم من أنفسهم وكذبوا عليهم في جعلهم إياهم آلهة والإله لا يكون بالجعل ولكن ما حملهم على ذلك إلا أصل صحيح وهو أنهم رأوا اختلاف المقالات في الله مع الاجتماع على أحديته وأنه واحد لا إله إلا هو ثم اختلفوا فيما هو هذا الإله فقال كل صاحب نظر بما أداه إليه نظره فتقرر عنده أن الإله هو الذي له هذا الحكم وما علم أن ذلك عين جعله فما عبد إلا إلها خلقه في نفسه وأعتقده سماه اعتقادا واختلفوا في ذلك اختلافا كثيرا والشئ الواحد لا يختلف في نفسه فلا بد أن يكون هو في نفسه على إحدى هذه المقالات أو خارجا عنها كلها ولما كان الأمر بهذه المثابة أثر وهان عليهم اتخاذ الأحجار والأشجار والكواكب والحيوانات وأمثال ذلك من المخلوقات آلهة كل طائفة بما غلب عليها كما فعل أهل المقالات في الله سواء فمن هذا الأصل كان المدد لهم وهم لا يشعرون فما ترى أحدا يعبد إلها غير مجعول فيخلق الإنسان في نفسه ما يعبده وما يحكم عليه والله هو الحاكم لا ينضبط للعقل ولا يتحكم له بل له الأمر في خلقه من قبل ومن بعد لا إله إلا هو إله كل شئ ومليكة وهذا كله من الاسم الباعث فهو الذي بعث إلى بواطنهم رسل الأفكار بما نطقوا به واعتقدوه في الله كما أنه بعث إلى ظاهرهم الرسل المعروفين بالأنبياء والنبوة والرسالة فالعاقل من ترك ما عنده في الله تعالى لما جاءوا به من عبد الله في الله فإن وافقوا ما جاءت به رسل الأفكار إلى بواطنهم كان وشكروا الله على الموافقة وإن ظهر الخلاف فعليك باتباع رسول الظاهر وإياك وغائلة رسل الباطن تسعد إن شاء الله وهذا نصيحة مني إلى كل قابل ذي عقل سليم وقل رب زدني علما والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الحق حضرة الاسم الحق) الحق بالحق أفنيه وأثبته * فالحق ما بين إعدام وإثبات لولا الوجود ولولا سر حكمته * ما كان يعبد في العزى وفي اللات إن الأمور التي بها يقيدني * بها يسر حتى في الحال والآتي إن الذي قد مضى إلى مرجعه * لما لديه من أمراض وآفات والله لو علمت نفسي بمن كلفت * ما كنت أفرح بالفاني إذا يأتي يدعى صاحبها عبد الحق قال تعالى فما ذا بعد الحق إلا الضلال وليس إلا الخلق والضلال الحيرة وبالخلق ظهر حكم الضلال فعين وجود الحق نور محقق * وعين وجود الخلق ظل له تبع فالحق عين الوجود والخلق قيده بالإطلاق فالخلق قيد مقيد فلا حكم الإله وبه والحق الحاكم ولا يحكم إلا بالحق فحق الحق عين الخلق فإني تصرفون والأمر كما قلناه وما سمي خلقا إلا بما يخلق منه فالخلق جديد وفيه حقيقة الاختلاق لأنك تنظر إليه من وجه فتقول هو حق وتنظر إليه من وجه فتقول هو خلق وهو في نفسه لا حق ولا غير حق فاطلاق الحق عليه والخلق كأنه اختلاق فغلب عليه هذا الحكم فسمي خلقا وانفرد الحق باسم الحق إذ كان له وجوب الوجود بنفسه وكان للخلق وجوب الوجود به لا أقول بغيره فإن الغير ما له عين وإن كان له حكم كالنسب لا عين لها ولها الحكم فبالحق خلق السماء والأرض وبالحق أنزل القرآن وبالحق نزل وللحق نزل ففي الخلق أتاه الخلق لأنه ليل سلخ منه النهار فإذا هم مظلمون حيارى تايهون ما لهم نور يهتدون به كما جعل الله النجوم لمن يهتدي بها في ظلمات البر والبحر وهو نظر العامة والخواص في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يعقلون تارة يقولون نحن نحن وهو هو وتارة يقولون
(٢٧٩)