قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وقوله أو أشد قسوة فإن الحجر لا يقدر أن يمتنع عن تأثيرك فيه بالمعول والقلب يمتنع عن أثرك فيه بلا شك فإنه لا سلطان لك عليه فلهذا كان القلب أشد قسوة أي أعظم امتناعا وأحمى وإن أحسنت في ظاهره فلا يلزم أن يلين قلبه إليك فذلك إليه وحكي أن بعض الناس كسر حجرا صلدا يابسا فرأى في وسط ذلك الحجر تجويفا فيه دودة في فمها ورقة خضراء تأكلها وروى في النبوة الأولى أن لله تعالى تحت الأرض صخرة صماء في جوف تلك الصخرة حيوان لا منفذ له في الصخرة وإن الله قد جعل له فيها غذاء وهو يسبح الله ويقول سبحان من لا ينساني على بعد مكاني يعني من الموضع الذي تأتي منه الأرزاق لا على بعد مكانها من الله فإن نسبة الله إلى خلقه من حيث القرب بسكون الراء نسبة واحدة ومن حيث القرب بفتح الراء نسبة مختلفة فاعلم ذلك أو في السماوات بما أودع الله في سباحة الكواكب في أفلاكها من التأثيرات في الأركان لخلق أرزاق العالم أو الأمطار أيضا فإن السماء في لسان العرب المطر قال الشاعر إذا سقط السماء بأرض قوم يعني بالسماء هنا المطر وقوله أو في الأرض بما فيها من القبول والتكوين للأرزاق فإنها محل ظهور الأرزاق كالأم محل ظهور الولد الذي للأب فيه أيضا أثر بما ألقاه من الماء في الرحم سواء كان مقصودا له ذلك أو لم يكن كذلك الكوكب يسبح في الفلك وعن سباحته يكون ما يكون في الأركان الأمهات من الأمور الموجبة للولادة وسواء كان ذلك مقصودا للكوكب أو لم يكن بحسب ما يعلمه الله عز وجل مما أوحى به في كل سماء من الأمر الإلهي الذي لا يعلمه إلا من أوحى به إليه فأينما كانت مثقال هذه الحبة من الخردل لقلتها بل لخفائها يأت بها الله نبه بهذا التعريف لتأتيه أنت بما كلفك إن تأتيه به فإنك ترجوه فيما تأتيه به ولا يرجوك فيما أتاك به فإنه غني عن العالمين وأنت من الفقراء إليه فإتيانك إليه بما كلفك الإتيان به آكد في حقك إن تأتي به لافتقارك وحاجتك لما يحصل لك من المنفعة بذلك إن الله لطيف أي هو أخفى أن يعلم ويوصل إليه أي إلى العلم به من حبة الخردل خبير للطفه بمكان من يطلب تلك الخردلة منه لما له من الحرص على دفع ألم الفقر عنه فإن الحيوان ما يطلب الرزق إلا لدفع الآلام لا غير فلو لم يحس بالألم لما تصور منه طلب شئ من ذلك فليس نفعه سوى دفع ألمه بذلك وهو الركن الأعظم ولولا إن حكم الجنة في أنه نفس حصول الشهوة نفس حصول المشتهي بحيث لو تأخرت عنه إلى الزمان الثاني الذي يلي زمان حصول الشهوة لكان ذا ألم لفقد المشتهي زمان الشهوة كالدنيا فإنه لا بد أن يتأخر حصول المشتهي عن زمان الشهوة فلا بد من الألم فإذا حصل المشتهي فأعظم لالتذاذ به اندفاع ذلك الألم فافهم هذا وحققه فإنه ينفعك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والسبعون وأربعمائة في حال قطب كان منزله ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) من يعظم حرمة الله * ما يرى عينا سوى الله كل ما في الكون حرمته * ليس في الأعيان إلا هي ليس بالساهي معظمها * لا ولا في الحكم باللاهي كيف يسهو عن محارمه * من يرى الأشياء بالله فهو الرائي بجار حتى * وأنا عن ذاك بالساهي العالم حرم الحق والكون حرمه الذي أسكن فيه هؤلاء الحرم وأعظم الحرم ما له فيه أثر الطبع النكاحي لأنه محل التكوين والعالم كله حرم الله فإنه محل تكوين الأحكام الإلهية لظهور الأعيان فأي عين ظهر عاد حرمة من الحرم فحواء من آدم سواء منه ظهرت فهي عينه وهو عينها حرمته وزوجته التي كون فيها نبيه لأنها ضلعه القصير قبل الشكل المعلوم بالإنسان فهكذا ما خلق الله من العالم والإشارة إليه في قوله جميعا منه وقوله في عيسى وروح منه لم ينسبه إلى غير لأنه ما ثم غير فمن عظم حرمة الله ومن العالم فما عظم إلا نفسه وقد تبين لك أنك منه لا من ذاتك من أمر آخر فمن عظم حرمة الله فإنما عظم الله ومن عظم الله كان خيرا له وهو ما يجازيه به من التعظيم في مثل قوله ومن يعظم شعائر الله ومن يعظم حرمات الله وقوله عند ربه العامل في هذا الظرف في طريقنا قوله ومن يعظم أي من يعظمها عند ربه
(١١٥)