وقع الاشتراك في التعبير عنه كما تقول في الحركة تقول إنها حركة في كل متحرك فيتخيل أنها أمثال وليست على الحقيقة أمثال لأن الحركة من حيث عينها واحدة أي حقيقة واحدة حكمها في كل متحرك فهي عينها في كل متحرك بذاتها فلا مثل لها فهي مبتدعة مهما ظهر حكمها وهكذا جميع المعاني التي توجب الأحكام من أكوان وألوان فافهم فإن لم تعرف كون الحق بديعا على ما ذكرته لك فما هو بديع من جميع الوجوه لأن الجوهر القابل جوهر واحد من حيث حده وحقيقته ولا تتعدد حقيقته بالكثرة والمعنى الموجب لها حكما ما لا يتعدد من حيث حقيقته فهو بحقيقته في كل محكوم عليه بحكمه فما ثم مثل فالبياض في كل أبيض والحركة في كل متحرك فافهم ذلك فكل ما في الوجود مبتدع لله فهو البديع وانظر في قوله تعالى تجده ينبه على هذا الحكم أعني حكم الابتداع وننشئكم فيما لا تعلمون من باب الإشارة أي لا يعلم له مثال وما ثم إلا العالم وهو المخاطب بهذا وهو كل ما سوى الله فعلمنا إن الله ينشي كل منشئ فيما لا يعلم إلا إن أعلمه الله ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون أنها كانت على غير مثال سبق كما هو الأمر في نفسه وكذلك قوله كما بدأكم تعودون وبدأنا على غير مثال فيعيدنا على غير مثال فإن الصورة لا تشبه الصورة ولا المزاج المزاج وقد وردت الأخبار الإلهية بذلك على ألسنة الأنبياء ع وهم الرسل وهذا يدلك على إن العالم ما هو عين الحق وإنما هو ما ظهر في الوجود الحق إذ لو كان عين الحق ما صح كونه بديعا كما تحدث صورة المرئي في المرآة ينظر الناظر فيها فهو بذلك النظر كأنه أبدعها مع كونه لا تعمل له في أسبابها ولا يدري ما يحدث فيها ولكن بمجرد النظر في المرآة ظهرت صور هذا أعطاه الحال فما لك في ذلك من التعمل إلا قصدك النظر في المرآة ونظرك فيها مثل قوله إنما قولنا لشئ إذا أردناه وهو قصدك النظر أن نقول له كن وهو بمنزلة النظر فيكون وهو بمنزلة الصورة التي تدركها عند نظرك في المرآة ثم إن تلك الصورة ما هي عينك لحكم صفة المرآة فيها من الكبر والصغر والطول والعرض ولا حكم لصورة المرآة فيك فما هي عينك ولا عين ما ظهر ممن ليست أنت من الموجودات الموازية لنظرك في المرآة ولا تلك الصورة غيرك لما لك فيها من الحكم فإنك لا تشك إنك رأيت وجهك ورأيت كل ما في وجهك ظهر لك بنظرك في المرآة من حيث عين ذلك لا من حيث ما طرأ عليه من صفة المرآة فما هو المرئي غيرك ولا عينك كذلك الأمر في وجود العالم والحق أي شئ جعلت مرآة أعني حضرة الأعيان الثابتة أو وجود الحق فأما أن تكون الأعيان الثابتة لله مظاهر فهو حكم المرآة في صورة الرائي فهو عينه وهو الموصوف بحكم المرآة فهو الظاهر في المظاهر بصورة المظاهر أو يكون الوجود الحق هو عين المرآة فترى الأعيان الثابتة من وجود الحق ما يقابلها منه فترى صورتها في تلك المرآة ويتراءى بعضها لبعض ولا ترى ما ترى من حيث ما هي المرآة عليه وإنما ترى ما ترى من حيث ما هي عليه من غير زيادة ولا نقصان كما لا يشك الناظر وجهه في المرآة إن وجهه رأى وبما للمرآة في ذلك من الحكم يعلم أن وجهه ما رأى فهكذا الأمر فأنسب بعد ذلك ما شئت كيف شئت فالكل مبتدع في عين موجده * والحق مبتدع لما بدا فظهر فالعين ثابتة والذات ثابتة * وكون إبداعه لما أتى فنظر فما بدت صور إلا لها صور * منها ومنه فبالمجموع كان أثر (الوارث حضرة الورث) أنا وارث والحق وارث ما عندي * من الحب والشوق المبرح والود عهدت الذي قد همت فيه وإنني * مقيم على ما تعلمون من العهد إذا ما تراءى البرق من جانب الحي * وقد زادني مسراه وجدا إلى وجد أقول له أهلا وسهلا ومرحبا * بمن قد أنى من غير قصد ولا وعد فيذهب بالأبصار عند خفوقه * فيا ليت شعري من يقوم له بعدي يدعى صاحبها عبد الوارث قال الله تعالى إنا نحن نرث الأرض ومن عليها فورثها ليورثها من يشاء من
(٣١٦)