وتراه زاهيا * في حلي وحلل * كاشفا عورته * مثل ما جاء المثل المثل قوله عليه الصلاة والسلام رب كاسية عارية قال الله تعالى في الحيرة وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ومن باب الحيرة والله خلقكم وما تعملون وما رميت إذ رميت وكذلك فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم والقتل ما شوهد إلا من المخلوق فنفى ما وقع به العلم الضروري في الحس قال رسول الله ص في هذه المنازلة لا أحصي ثناء عليك وهذا مقام عزة الحيرة أنت كما أثنيت على نفسك وهذا حال الوصول وقال الصديق في هذه المنازلة العجز عن درك الإدراك إدراك فتحير فوصل فالوصول إلى الحيرة في الحق هو عين الوصول إلى الله والحيرة أعظم ما تكون لأهل التجلي لاختلاف الصور عليهم في العين الواحدة والحدود تختلف باختلاف الصور والعين لا يأخذها حد ولا تشهد كما أنها لا تعلم فمن وقف مع الحدود التابعة للصور حار ومن علم إن ثم عينا هي التي تتقلب في الصور في أعين الناظرين ولا في نفسها علم إن ثم ذاتا مجهولة لا تعلم ولا تشهد فتحصل من هذا أن العلماء بالله أربعة أصناف صنف ما له علم بالله إلا من طريق النظر الفكري وهم القائلون بالسلوب وصنف ما له علم بالله إلا من طريق التجلي وهم القائلون بالثبوت والحدود وصنف ثالث يحدث لهم علم بالله بين الشهود والنظر فلا يبقون مع الصور في التجلي ولا يصلون إلى معرفة الذات الظاهرة بهذه الصور في أعين الناظرين والصنف الرابع ليس واحدا من هؤلاء الثلاثة ولا يخرج عن جميعهم وهو الذي يعلم أن الله قابل لكل معتقد كان ما كان ذلك المعتقد وهذا الصنف ينقسم إلى صنفين صنف يقول عين الحق هو المتجلي في صور الممكنات وصنف آخر يقول أحكام الممكنات وهي الصور الظاهرة في عين الوجود الحق وكل قال ما هو الأمر عليه ومن هنا نشأت الحيرة في المتحيرين وهي عين الهدى في كل حائر فمن وقف مع الحيرة حار ومن وقف مع كون الحيرة هدى وصل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الأحد والثلاثون وأربعمائة في معرفة منازلة من حجبته حجبته) حجاب العبد منه وليس يدري * بأن وجوده عين الحجاب فيا قوم اسمعوا قولي تفوزوا * بما قد قال في أم الكتاب فلفظة نستعين قد أظهرتنا * وأفعالي وعيني في تباب فنحن التائهون بكل قفر * ونحن الواقفون بكل باب قال الله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه فإذا خاطبهم ما يخاطبهم إلا بما تواطئوا عليه وإذا ظهر لهم في فعل من الأفعال فلا يظهر لهم إلا بما ألفوه في عاداتهم ومن عاداتهم مع الكبير عندهم إذا مشى أن يحجبوه ومعناه أن يكونوا له حجبة بين يديه كما قال نورهم يسعى بين أيديهم وسبب ذلك أن الكبير لو تقدم الجماعة لم يعرف ولم تتوفر الدواعي إلى تعظيمه فإذا تقدم الحجاب بين يديه طرقوا له وتأهبت العامة لرؤيته وحصل في قلوبها من تعظيمه على قدر ما يعرفونه من عظمة الحجبة في نفوسهم فيعظم شأنه فإذا أراد الله تعظيم عبد عند عباده عدل به عن منزلته وكساه خلعته وأعطاه أسماءه وجعله خليفة في خلقه وملكه أزمة الأمور وحمل الغاشية بين يديه كما يحمل الملك الغاشية بين يدي ولي عهده وإن كان في المنزلة أعظم منه ولا بد لمن هذه حالته أن يعطي المرتبة حقها فلا بد أن ينحجب عن رتبة عبوديته وعلى قدر ما ينحجب عنها ينحجب عن ربه ولا يمكن إلا هذا فإن الحضرة في الوقت له والوقت وقته والحكم للوقت في كل حاكم ألا ترى الحق يقول عن نفسه إنه كل يوم في شأن فهو بحسب الوقت لأنه لا يعطي إلا بحسب القابل فالقبول وقته حتى يجري الأمور على الحكمة ولما كان الوقت لصاحبه حكم عليه بما يظهر به وقال ص لا يؤمن الرجل في سلطانه ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه ولو كان الخليفة بنفسه إذا دخل دار أحد من رعيته فالأدب الإلهي المعتاد يحكم عليه بأن يحكم عليه رب البيت فحيثما أقعده قعد ما دام في سلطانه وإن كان الخليفة أكبر منه وأعظم ولكن حكم المنزل حكم عليه فرده مرؤوسا ألا ترى أن وجود العبد وأعني به العالم ما ظهر إلا بوجود الحق وإيجاده لأن الحكم له ثم تأخر المتقدم وتقدم المتأخر فلم يظهر للعلم بالله عين حتى أظهره العلم بالعالم فكان ذلك جزاء الإيجاد وعاد ذلك الجزاء
(٤٣)