ظهر هذا فقد أوجب الحق على عباده القتال معه والقيام في حقه ونصرته والأخذ على يد الجائر ولا يزال الأمر على ما قلناه حتى يأتي أمر الله وتنفذ الكلمة الحق ويتوحد الأمر وتعم الرحمة ويرجع الأمر كله إليه كما كان أول مرة ويرتفع بعض النسب ويبقى بعضها بحسب المحل والدار والنشأة التي تصير فيها وإليها فإن للزمان حكما وللمكان حكما وللحال حكما والله يقضي الحق وهو خير الفاصلين فتزول المغالبة والمنازعة ويبقى الصلح والسلم في دار السلام إلى أبد لا ينقضي أمده بازل لا يعينه أبده والله يقول الحق وهو يهدي السبيل إن الخليفة من كانت إمامته * من صورة الحق والأسماء تعضده ليس الخليفة من قامت أدلته * من الهوى وهوى الأهواء يقصده له التقدم بالمعنى وليس له * توقيع حق ولا شرع يؤيده فيدعي الحق والأسياف تعضده * وهو الكذوب ونجم الحق يرصده (الباب الثالث وأربعمائة في معرفة منازلة لا حجة لي على عبيدي ما قلت لأحد منهم لم عملت إلا قال لي أنت عملت) وقال الحق ولكن السابقة أسبق بلا شك فلا تبديل إذا كنت حقا فالمقال مقالتي * وإن لم أكن فالقول قول المنازع لي الحجة البيضاء في كل موطن * به فهي تبدو في قريب وشاسع ولما دعاني للحديث مسامرا * تجافت جنوبي رغبة عن مضاجعي فقال لنا أهلا بأكرم سامر * يعيد عن الأكفاء للكل جامع فقلت له لولاك ما كنت جامعا * لحق وخلق ثم فاضت مدامعي فقال أتبكي قلت دمع مسرة * لما ملئت مما تقول مسامعي قال الله عز وجل والله خلقكم وما تعملون اعلم أن الكريم هو الذي يترك ماله ويؤدي ما أوجبه على نفسه من الحقوق كرما منه قبل أن يسألها ثم إنه يمنع وقتا ويطالب وقتا لتظهر بذلك منزلة الشافع عنده في مثل هذا وكرمه بالسائل فيما سأله فيه بإجابته وعبيد الله عبد إن عبد ليس للشيطان عليه سلطان وهو عبد الاختصاص وهو الذي لا ينطق إلا بالله ولا يسمع إلا بالله فالحجة لله لا له قل فلله الحجة البالغة فإنها حجة الله ومن عبيد الاختصاص من ينطق عن الله ويسمع من الله فهذا أيضا من أهل الحجة البالغة لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فهو تعالى السائل والمجيب وأما عبد العموم فهو الذي قال عنهم لرسول الله ص وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني فما خص عبيدا من عبيد وأضافهم إليه وقوله يا عبادي الذين أسرفوا فأضافهم إليه مع كونهم مسرفين على الإطلاق في الإسراف ونهاهم أن يقنطوا من رحمة الله وهذا وأمثاله أطمع إبليس في رحمة الله من عين المنة ولو قنط من رحمة الله لزاد إلى عصيانه عصيانا وأخبر الله عنه في إسرافه أنه يعدنا الفقر ويأمرنا بالفحشاء ليجعل فضله تعالى في مقابلة ما وعد به الشيطان من الفقر الذي هو به مأمور في قوله تعالى وعدهم فهو مصدق لله فيما أخبر به عنه ممتثل أمر الله بشبهة في أمره في قوله وعدهم وجعل مغفرته في مقابلة الفحشاء والأمر بالفحشاء من الفحشاء فدخل تحت وعد الحق بالمغفرة فزاده طمعا وإن كانت دار النار مسكنه لأنه من أهلها وإن حارت عليه أو زار من اتبعه ممن هو من أهل النار فما حمل إلا ما هو منقطع بالغ إلى أجل وفضل الله لا انقطاع له لأنه خارج عن الجزاء الوفاق ورحمة الله لا تخص محلا من محل ولا دارا من دار بل وسعت كل شئ فدار الرحمة هي دار الوجود وهؤلاء العبيد المذكورون ذكرهم الله بالإضافة إليه والإضافة إليه تشريف فجمع في الإضافة بين العبيد الذين أسرفوا على أنفسهم الذين نهاهم سبحانه أن يقنطوا من رحمة الله وبشرهم أنه يغفر الذنوب جميعا ولم يعين وقتا فقد تكون المغفرة سابقة لبعض العبيد لاحقة لبعض العبيد وبين العبيد الذين ليس للشيطان عليهم سلطان
(٤)