سمعوا ما أنزل إلى الرسول فوصفهم بأنهم يسمعون ثم ذكر ما كان منهم حين سمعوا فقال ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق فأخبر أنهم آمنوا وأخبر أنه تعالى أثابهم على إيمانهم بما ذكر في الآيات فلا تقل فيمن لم يجب أنه سمع فتخالف الله فيما أخبر عنهم وقد أخبر الله تعالى عنهم إن بهم صمما وأخبر عنهم أنهم قالوا في آذاننا وقر فطابق قولهم في آذاننا وقر قول الله إنهم صم فلم يسمعوا فلم يرجعوا فإنهم لم يعقلوا ما سمعته آذانهم وما سمع من سمع منهم إلا دعاء ونداء وهو قوله يا فلان وما سمع أكثر من ذلك فما أعظم رحمة الله بعباده وهم لا يشعرون بل رأيت جماعة ممن ينازعون في اتساع رحمة الله وإنها مقصورة على طائفة خاصة فحجروا وضيقوا ما وسع الله فلو إن الله لا يرحم أحدا من خلقه لحرم رحمته من يقول بهذا ولكن أبي الله إلا شمول الرحمة فمنا من يأخذها بطريق الوجوب وهم الذين يتقون ويؤتون الزكاة الذين يؤمنون ويتبعون الرسول النبي الأمي ومنا من يأخذها بطريق الامتنان من عين المنة والفضل الإلهي ووالله ما أنا بحمد الله ممن يحب التشفي والانتقام من عباد الله بل خلقني الله رحمة وجعلني وارث رحمة لمن قيل له وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وما خص مؤمنا من غيره وتحقق ذلك في وضع الجزية على أهل الكتاب وما كان السبب في إنزال هذه الآية إلا دعاءه بالمؤاخذة الإلهية على المشركين من رعل وذكوان وعصية وإذا كان هذا عتبة لرسوله ص في حق المشرك الذي أخبر أنه لا يغفر له فكيف الأمر في غير المشرك وإن لم يؤمن فافتح عين فهمك لما تقرأه وقل رب زدني علما وهو أن يزيدك في فهمك فكلما كررت تلاوة زدت علما لم يكن عندك وكلما نظرت واعتبرت تزيد علما والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الأحد والعشرون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب) اتقوا الله يا أولي الألباب * من علوم علامها في تباب لا تفكر في ذاته فهو جهل * والتزم ما تراه خلف الباب من نعوت تبدو به وصفات * هن حجابها وعين الحجاب ما دري من يقول بالفكر فيها * إنها لا تنال بالألباب فالذي قال إنه قد حواه * لم يزل منه تائها في إياب اعلم وفقنا الله وإياك أن مثل هذا قوله ولباس التقوى ذلك خير وهو الذي يواري من اللباس ما يستر ويمنع من الضرر وهو ما زاد على الريش فالتقوى في اللباس وفي الزاد ما يقي به الرجل وجهه عن السؤال غير الله وكذلك في اللباس ما يقي به الإنسان برد الهواء وحره ويكون سترا لعورته وهو قوله يواري سوآتكم وليس إلا ما يسوءكم ما ينظر إليه منكم هذا الذكر جاء بلفظ الزاد وورد الأمر به فأعلمنا أنا قوم سفر نقطع المناهل بالأنفاس رحلة الشتاء والصيف لنطعم من جوع ونأمن من خوف لأنه ما زاد على وقايتك فما هو لك وما ليس لك لا تحمل ثقله فتتعب به وأقل التعب فيه حسابك على ما لا يحتاج إليه فلما ذا تحاسب عليه هذا لا يفعله عاقل ناصح لنفسه فما ثم عاقل لأنه ما ثم إلا من يمسك الفضل ويمنع البذل والمسافر وما له على قلة فإنه ما من منهلة يقطعها ولا مسافة إلا وقطاع الطريق على مدرجته من الجنة والناس ويدخل في الجنة الخواطر النفسية فتقطع بهذا المسافر عن معالي الأمور وأصغر المسافات وأقربها أشقها عليه وهو ما بين النفسين فمن كانت مسافاته أنفاسه كان في أشق سفر لكنه إذا سلم عظمت أرباحه وأمن الخسارة في تجارته فإنهم في سفر تجارة منجية من عذاب أليم بضائعهم الايمان والجهاد فالإيمان بضاعة تعم النفائس المضنون بها والجهاد يعم جميع ما جهزنا الله به من بضائع التكليف والرسل ع هم السماسرة في البيع والشراء والصحف والكتب المنزلة هي الوثائق المكتوبة بين البائع والمشتري وأخبر الله تعالى أنه اشترى من المؤمنين أنفسهم يعني إلا نفس الحيوانية هي التي اشتراها من النفوس الناطقة المكلفة بالإيمان وأموالهم وهو شري البرنامج فالمشتري بالخيار عند حضور البضائع فإن وافقت ما في البرنامج مضى
(١٦٣)