الله فله حكم الأزل والأبد فاعلم ذلك ومن هذه الحضرة ثبت حكم الأزل والأبد لمن وصف به وإن عين العالم لم يزل في الأزل الذي هو الدهر الأول بالنسبة إلى ما نذكره ثابت العين ولما أفاده الحق الوجود ما طرأ عليه الإحالة الوجود لا أمر آخر فظهر في الوجود بالحقيقة التي كان عليها في حال العدم فتعين بحال وجود العالم الطرف الأول المعبر عنه بالأزل وليس إلا الدهر وتعين حال وجود العالم بنفسه وهو زمان الحال وهو الدهر عينه ثم استمر له الوجود إلى غير نهاية فتعين الطرف الآخر وهو الأبد وليس إلا الدهر فمن راعى هذه النسب جعله دهور أو هو دهر واحد وليس إلا عين الوجود الحق بأحكام أعيان الممكنات أو ظهور الحق في صور الممكنات فتعين إن الدهر هو الله تعالى كما أخبر عن نفسه على ما أوصله إلينا رسوله ص فقال لنا لما سمع من يسب الدهر لكونه لم يعطه أغراضه فقال لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر لأنه المانع وجود ما لكم في وجوده غرض ولهذا سمي بالمانع وله حضرة في هذا الباب في هذا الكتاب مذكورة فتوليد العالم إنما هو للزمان وهو الدهر يولج الليل في النهار فيتناكحان فيلد النهار جميع ما يظهر فيه من الأعيان القائمة بأنفسها وغير القائمة بأنفسها من الأجسام والجسمانيات والأرواح والروحانيات والأحوال فيظهر كل روحاني وجسماني من كل اسم رباني ويظهر كل جسم وروح من الاسم الرب لا من الاسم الرباني ويولج النهار في الليل فيتناكحان فيلد الليل مثل ما ولد النهار سواء على حد ما مضى وهذا المعبر عنه بالليل والنهار سدنة الدهر والإيلاج والتكوير والغشيان وهو قوله يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل من كور العمامة ويغشى الليل النهار فهذه مقاليد الدهر الذي له مقاليد السماوات وهو الناكح والأرض وهو المنكوح فمن علا من هذين الزوجين فله الذكورية وهو السماء ومن سفل من هذين الزوجين فله الأنوثة وهو الأرض ونكاحهما المقلاد والإقليد الذي به يكون الفتح فيظهر ما في خزائن الجود وهو الدهر فهكذا وجد العالم عن نكاح دهري زماني ليلي ونهاري فإن علا ماء الناكح ماء المنكوح أذكر فظهرت الأرواح الفاعلة وإن علا ماء المنكوح ماء الناكح أنثى فظهرت الجثث الطبيعية القابلة للانفعال المنفعلة فهكذا كانت الأمور * وأظهرت حكمها الدهور فكل أمر يخصه اسم * كان له الكون والصدور ثم إلى الله بعد هذا * تصير في سيرها الأمور فكل جسم له ظلام * وكل روح لديه نور إذا انطوى ظله ويخفى * في ذاته ذلك النفور لم يعدم الله عين شئ * أبداه لكنه يبور فخلقه لم يزل جديدا * في كل أوقاته يثور لولا وجود النكاح فيه * ما كان للعالم الظهور ولا لأسمائه احتكام * ولا لأعيانها نشور فأنجم منه طالعات * وأنجم عنده تغور كأنها طالبات ثار * وطالب الثار ما يجور فالكون في ليل أو نهار * على الذي قلته دور (الصاحب حضرة الصحبة) الصاحب الحق ليس الصاحب الداعي * ولو تحكم في برئ وأوجاعي وإن صاحبها يبغي مصاحبتي * ويدعي أنه مني كأسماعي صحبة الرحمن فيها أدب * فأصحب الرحمن لا تصحب سواه يتمناه الذي يصحبه * إن يراه فيرى فيه مناه
(٢٦٦)