(القادر القدير المقتدر حضرة الاقتدار) لو أن من عرفني مقداري * يبدو لنا ما كنت بالمكثار إن اقتداري في كيان الباري * أعظم عندي من دخول النار ولو أتى بالعسكر الجرار * أتيته به وبالأبرار في عصبة وسادة أخيار * معصومة محفوظة الآثار يميزني عند دخول الدار * عن العبيد الصم والأحرار يدعى صاحبها عبد القادر وعبد القدير وعبد المقتدر قال عز وجل وهو على كل شئ قدير وقال قل هو القادر على أن يبعث عليكم وقال وإنا لقادرون وقال عند مليك مقتدر هذه الحضرة ما لها أثر سوى إعطاء الوجود لكل عين يريد الحق وجودها من الممكنات فيقول لها كن وأخفى الاقتدار بقوله كن وجعله سترا على الاقتدار فكان الممكن عن الاقتدار الإلهي من حيث لا يعلم الممكن وسارع إلى التكون فكان فظهر منه عند نفسه السمع والطاعة لمن قال له كن فاكتسب الثناء من الله بالامتثال فأول أمر كان من الممكن السمع والطاعة لله في تكوينه فكل معصية تظهر منه فإنما هي عرض يعرض له وأصله السمع والطاعة كالغضب الذي يعرض والسبق للرحمة فإن لها السبق وللطاعة من الممكن السبق والنهاية والخاتمة أبدا لها حكم السابقة والسبق للرحمة فلا بد من المال إلى الرحمة في كل ممكن عرض له الشقاء لأنه بالأصل طائع وكذلك كل مولود إنما يولد على الفطرة والفطرة الإقرار لله تعالى بالعبودة فهي طاعة على طاعة ولما لم يكن للممكن اقتدار أصلا وإنما له القبول لم يكن فيه حقيقة يطلع بها على اقتدار الله عليه في تعلقه بإخراجه من حالة العدم إلى حالة الوجود لأنه لا فاعل إلا الله والأشياء لا تشهد الله إلا من نفوسها ومما هي عليه وما هي على شئ من الاقتدار عند بعض النظار فلا يمكن أن تشهد صدورها إلى الوجود كما قال تعالى ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم يريد حالة الإيجاد فليس للممكن اقتدار بوجه من الوجوه عند بعضهم كما قدمنا فلهذا قلنا أخفى عز وجل اقتداره وجاء بالقول بصيغة الأمر ليتصف الممكن بالسمع والطاعة فلا تزال عين الحق تنظر إليه بالرحمة وتراعي منه هذا الأصل مع أن القول لا حكم له في المعدوم ولا سيما في من ليس له اقتدار بالأصالة فكيف يكون فأشبه صورة التكليف والفعل لله ولما كان الممكن بحكم الأصل سامعا مطيعا للأمر بقي فيه سر امتثال الأمر فإذا جاء الإنسان أمر الشيطان في لمته بالمخالفة وما يقول له في أمره خالف وإنما يأمره أن يفعل ما تقدمه من الله النهى عنه أو ينهاه عن وقوع ما تقدم له من الله الأمر بفعله فيغفل عما تقدمه من الله في ذلك فيبادر لما أمره الشيطان به لأن حقيقته كما قلنا فطرت في أصل التكوين على الامتثال كما أيضا يقبل أمر الملك في الطاعة أو في مكارم الأخلاق وأما حالته في التردد في الفعل أو الترك بين اللمتين فهو في ذلك الوقت تحت حكم التردد الإلهي الذي نسبه إلى نفسه وأنه مجلي الحق في حين تردد كل متردد في العالم فذلك عينه تردد الحق حتى ينفذ ما شاء الله أن ينفذ من ذلك فيظهر حكمه في ذلك الفعل إما بالطاعة أو بالمعصية كما يريد العبد ويطلب من الله أمرا ما فلا يعطيه ويخالفه فيه فهذه بتلك لتصح النسخة فإن من تمامها مقابلة الخلاف والوفاق فلو أجاب الحق كل ما يطلبه العبد منه لأجابه العبد في كل ما طلبه الحق منه ولو أجاب العبد ربه في كل ما أمره به ونهاه لأجاب الحق عبده في كل خاطر يخطر له في تكون أمر فلما لم يكن الأمر إلا هكذا وهو على الصورة فلا بد أن تقع المخالفة والموافقة من الجانبين فما ظهر العبد في خلافه أمر الحق إلا بخلاف الحق ما دعاه فيه العبد فصحت المقابلة بين النسختين فصح الكتاب بالأم حيث ظهر بصورتها ولو لم يكن كذلك لكان خطأ والصواب أولى فوجود الخلاف من الممكن أصح في النسخة ولا يثبت في الأم إلا ما هو حق فالخلاف حق حيث كان فانظر إلى هذا السر ما أعجبه وما أخفاه والله على كل شئ قدير فالمقتدر حكمه حكم آخر ما هو حكم القادر فالاقتدار حكم القادر في ظهور الأشياء بأيدي الأسباب والأسباب هي المتصفة بكسب
(٢٩٦)