فليس ليلى وليس لبنى * سوى الذي أنت قد علمتا إن كنت في حبه بصيرا * تشهده منك أنت أنتا فما أحب المحب غيرا * سواه فالكل أنت أنتا فما أعجب القرآن في مناسبة الأسماء بالأحوال فهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد فهو المحب وهو فعال لما يريد فهو المحبوب لأن المحبوب فعال لما يريد بمحبوبه والمحب سامع مطيع مهيأ لما يريد به محبوبه لأنه المحب الودود أي الثابت على لوازم المحبة وشروطها والعين واحدة فإن الودود هنا هو الفعال لما يريد فانظر في هذا التنبيه الإلهي ما أعجبه وقل رب زدني علما والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (المجد حضرة المجد) يدعى صاحبها عبد المجيد والقرآن المجيد وهو كلامه تعالى فهو عينه حضرة المجد والشرف * حضرة الزهو والصلف فذووا مجدنا فمن * بحرها الكل يغترف فإذا ما تمجدت * عينه قام ينصرف لقصور له بها * خادم العز قد وقف فتحلى بحلية * وهبته حكم النصف وهبته نصيفها * وبه قام فالتحف نحن للجوهر المكون * في عيننا صدف إذا قال المصلي ملك يوم الدين يقول الحق مجدني عبدي أي جعل لي الشرف عليه كما هو الأمر في نفسه فانظر إلى هذا الاعتراف وهو الحق الذي له المجد بالأصالة والكلام كلامه بلا خلاف فإنه القرآن وقال عن نفسه إنه يقول عند ملك يوم الدين مجدني عبدي وهو تنبيه إلهي من الله على إن الأمر إضافي فإنه إذا لم يكن هناك من يشرف عليه كونا ثابتا أو عينا كائنة فعلى من يشرف ويتمجد فما أعطاه المجد إلا وجود العبد فما قال الحق في قوله مجدني عبدي إلا حقا فلو زلنا لزال المجد عنه * فتمجيدي له المجد التليد تولد عن وجود القول مني * كذا قال الإله لي المجيد وقلناه بعلم واعتقاد * فجاء لشكرنا منه المزيد فكان هو المراد بعين قولي * كما قد كان في الأصل المريد له حكم التحكم في وجودي * هو الفعال فينا ما يريد وليس يريد إلا كل ما لا * وجود له فحقق ما أريد فليس يريد عيني حال كوني * فكون الكائنات هو الوجود فقد شهدت إرادته عليه * بأن مراده أبدا فقيد فلما قال مجدني عبدي عند قول المصلي ملك يوم الدين علمنا أنه قال أعطاني عبدي المجد والشرف على العالم في الدنيا والآخرة لأني جازيت العالم على أعمالهم في الدنيا والآخرة فيوم الدين هو يوم الجزاء فإن الحدود ما شرعت في الشرائع الأجزاء وما أصابت المصائب من أصابته الأجزاء بما كسبت يده مع كونه يعفو عن كثير قال تعالى وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير وكذلك ما ظهر من الفتن والخراب والحروب والطاعون فهو كله جزاء بأعمال عملوها استحقوا بذلك ما ظهر من الفساد في البر من خسف وغير ذلك وقحط ووباء وقتل وأسر وكذلك في البحر مثل هذا مع غرق وتجرع غصص لزعزع ريح مثلفة قال تعالى ظهر الفساد وهو ما ذكرناه ومن جنس ما قررناه في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس أي بما عملوا لنذيقهم بعض الذي
(٢٦١)