كالاسم الحليم هذا لسان الظاهر وعلم الرسم وأما علم الحقيقة المعتمد عليه عند العارفين فكل فعيل في أسماء الحق وصفاته ونعوته كالحليم والعليم والكريم فلا فرق بين هذه الأسماء وبين العظيم في دلالتها على الوجهين وذلك لكونه هو الظاهر في مظاهر أعيان الممكنات فما حلم إلا عنه ولا تكرم إلا عليه ألا ترى حكم إيجاد المرجح لا يكون إيجاده عند المتكلمين إلا بالقدرة أو القادرية عند بعضهم أو بكونه قادرا عند طائفة فهو القادر ولا يترجح الممكن إلا بالإرادة كما قلنا في القدرة على ذلك الترتيب والمساق فهو المريد فالمريد إذا أراد ترجيح الوجود على العدم في المخلوق إن لم يكن هو القادر على ذلك وإلا فعدم الإرادة أو وجودها على السواء فيحتاج المريد إلى القادر بلا شك والعين واحدة ما ثم عين زائدة مع اختلاف الحكم فلهذا قلنا في هذا البناء في حق الحق بطلب الوجهين ولا يقدر أحد من الطوائف من العلماء بالله على مثل هذا العلم الإلهي إلا العلماء الراسخون من أهل الله الذين هوية الحق علمهم كما هي سمعهم وبصرهم فاعلم ذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (حضرة الشكر) شكور من أتى الكرم المسمى * كما قد جاء في نص الكتاب ليطعم من قدور راسيات * جياعا في جفان كالجوابي ولا يبغي على ما كان منه * من إطعام إلى يوم الحساب ثناء لا ولا حمدا وذكرا * ولا نوعا من أنواع الثواب يدعى صاحب هذه الحضرة عبد الشكور وعبد الشاكر وهي لصفة الكلام المنسوب إلى الحق قال تعالى اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور يعني المبالغة في الشكر وهو أن يشكر الله حق الشكر وذلك بأن يرى النعمة منه ذكر ابن ماجة في سننه حديثا وهو أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى موسى اشكرني حق الشكر فقال موسى ع ومن يقدر على ذلك يا رب فقال له إذا رأيت النعمة مني فقد شكرتني فمن لا يرى النعمة إلا منه فقد شكره حق الشكر لا تراها من الأسباب التي سد لها بينك وبينه عند إرداف النعم فإن النعم أشياء لا تتكون إلا عنه من الوجه الخاص الذي لكل كائن وقال من هذه الحضرة ولئن شكرتم لأزيدنكم ووصف نفسه بشكره عباده طلبا للزيادة منهم مما شكرهم عليه مقابلة نسخة بنسخة لأنه على صورته وهو يريد أن يوقفك على صحة هذه النسخة فإنه ما كل نسخة تكون صحيحة ولا بد قد تختل منها أمور فلذلك شرعت المعارضة بين النسختين فما أخرج الناسخ منها أثبت بالمعارضة لتصح النسخة ومن الأمر الواقع في المنتسخ منه أنه شاكر وشكور عبادة ثم طالبهم بالشكر ليظهروا بصفته من كونهم على صورته ثم عرفهم إن الشكر يقتضي لذاته الزيادة من المشكور مما شكر من أجله وهو المعروف الذي سد له وأسداه إلى عباده فإذا علم ذلك علم إن الحق تعالى يطلب الزيادة من عباده في دار التكليف مما كلفهم فيها من الأعمال وجعل استيفاء حقه أن يرى العبد النعمة منه عز وجل فكان تنبيها من الله لعبده في تفسير حق الشكر إن الحق يرى النعمة من العبد حيث أعطاه العلم به كما قلنا إن العلم يتبع المعلوم فهو يجعل التعلق به في نفس العالم فيتصف العالم بالعلم فيشكره الحق على ذلك فيزيده العبد بتنوع أحواله تعلقات لم يكن عليها تسمى علوما وهذا الذي أشرنا إليه من أصعب العلوم علينا لشدة غوصها وهي سريعة التفلت ومن علم هذا علم قوله تعالى حتى نعلم فما قال حتى نعلم حتى كلف وابتلي ليعلم ما يكون منه فيما أتاه به وقد علم منه ما يكون في حال ثبوته إلا أن الممكن إذا تغيرت عليه الأحوال يعلم أنه كان في عينه في حال ثبوته بهذه الصفة ولا علم له بنفسه فإن الإنسان قد يغفل عن أشياء كان علمها من نفسه ثم يذكرها وهو قوله وما يذكر إلا أولوا الألباب وقوله وليتذكر أولوا الألباب ولب الشئ سره وقلبه وما حجبه إلا صورته الظاهرة فإنها له كالقشر على اللب صورة حجابية عليه لعينه الظاهرة فهو ناس لما هو به عالم وأخفى منه في التشبيه الزهرة مع الثمرة هي الدليل عليها والحجاب والحال الإلهي كالحال الكوني لأنه عينه ليس غيره فما شكر إلا نفسه لأنه ما أنعم إلا هو ولا قبل الإنعام ولا أخذه إلا هو فالله المعطي والآخذ كما قال إن الصدقة تقع بيد الرحمن فإنه يأخذ الصدقات ويد السائل صورة
(٢٤٢)